لها في غير بني آدم = وينوي باللام التي في "لما" اللام التي تُتَلقَّى بها "إنْ" جوابًا لها، وباللام التي في قوله:(ليوفينهم)، لام اليمين، دخلت فيما بين ما وصلتها، كما قال جل ثناؤه:( وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ ) [سورة النساء : ٧٢]، وكما يقال :"هذا ما لَغَيرُه أفضلُ منه".
والوجه الآخر: أن يجعل "ما" التي في "لما" بمعنى "ما" التي تدخل صلة في الكلام، واللام التي فيها هي اللام التي يجاب بها، واللام التي في:(ليوفينهم)، هي أيضًا اللام التي يجاب بها "إنّ" كررت وأعيدت، إذا كان ذلك موضعها، وكانت الأولى مما تدخلها العرب في غير موضعها، ثم تعيدها بعدُ في موضعها، كما قال الشاعر: (١)
فَلَوْ أَنَّ قَوْمِي لَمْ يَكُونُوا أَعِزَّةً... لَبَعْدُ لَقَدْ لاقَيْتُ لا بُدَّ مَصْرَعَا (٢)
وقرأ ذلك الزهري فيما ذكر عنه:(وإنَّ كُلا) بتشديد "إنَّ"، و(لمَّا) بتنوينها، بمعنى: شديدًا وحقًا وجميعًا.
* * *
قال أبو جعفر : وأصح هذه القراءات مخرجًا على كلام العرب المستفيض فيهم، قراءة من قرأ: "وَإنَّ" بتشديد نونها، "كُلا لَمَا" بتخفيف "ما"( لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ )، بمعنى: وإن كل هؤلاء الذين قصَصَنا عليك، يا محمد، قصصهم في هذه السورة، لمن ليوفينهم ربك أعمالهم، بالصالح منها بالجزيل من الثواب، وبالطالح منها بالشديد من العقاب = فتكون "ما" بمعنى "مَن" واللام التي فيها جوابًا ل"إنّ"، واللام في قوله:(ليوفيننم)، لام قسم.
* * *
(٢) معاني القرآن للفراء، في تفسير الآية. وكان في المخطوطة والمطبوعة :" مصرعي "، وأثبت ما في معاني القرآن.