فَتَحلَّ بهم حينئذ عقوبته وتغييره.
* * *
وقوله:(وإذا أراد الله بقوم سوءًا فلا مردّ له) يقول: وإذا أراد الله= بهؤلاء الذين يستخفون بالليل ويسربون بالنهار، لهم جند ومنعة من بين أيديهم ومن خلفهم، يحفظونهم من أمر الله= هلاكًا وخزيًا في عاجل الدنيا، =(فلا مردّ له) يقول: فلا يقدر على ردّ ذلك عنهم أحدٌ غيرُ الله. يقول تعالى ذكره:(وما لهم من دونه من وال) يقول: وما لهؤلاء القوم= و"الهاء والميم" في"لهم" من ذكر القوم الذين في قوله:(وإذا أراد الله بقوم سوءًا). من دون الله=(من والٍ) يعني: من والٍ يليهم ويلي أمرهم وعقوبتهم.
* * *
وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول:"السوء": الهلكة، ويقول: كل جذام وبرص وعَمى وبلاء عظيم فهو"سوء" مضموم الأول، وإذا فتح أوله فهو مصدر:"سُؤْت"، ومنه قولهم:"رجلُ سَوْءٍ". (١)
واختلف أهل العربية في معنى قوله:(ومن هو مستخف بالليل وسارب بالنهار).
فقال بعض نحويي أهل البصرة: معنى قوله:(ومن هو مستخف بالليل) ومن هو ظاهر بالليل، من قولهم:"خَفَيْتُ الشيء": إذا أظهرته، وكما قال أمرؤ القيس:
فَإِنْ تَكْتُمُوا الدَّاء لا نَخْفِه... وإنْ تَبْعَثُوا الحَرْبَ لا نَقْعُدِ (٢)
وقال: وقد قرئ( أَكَادُ أُخْفِيهَا ) [سورة طه: ١٥] بمعنى: أظهرها.
وقال في قوله:(وسارب بالنهار)، "السارب": هو المتواري، كأنه وجَّهه إلى

(١) هو نص كلام أبي عبيدة في مجاز القرآن ١ : ٣٢٤.
(٢) ديوانه : ١٦، واللسان ( خفا )، وغيرهما، وسيأتي في التفسير ١٦ : ١١٤ ( بولاق )، مع اختلاف يسير في الرواية.


الصفحة التالية