* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله:( كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ ) قال: الكفر( فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ).
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:( كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ. لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الألِيمَ ). (١)
حدثني عليّ بن سهل، قال: ثنا زيد بن أبي الزرقاء، عن سفيان، عن حميد، عن الحسن، في هذه الآية:( كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ) قال: خلقناه.
قال: ثنا زيد، عن حماد بن سلمة، عن حميد، قال: سألت الحسن في بيت أبي خليفة، عن قوله( كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ ) قال: الشرك سلكه في قلوبهم. وقوله:( لا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الألِيمَ ) يقول: فعلنا ذلك؛ بهم لئلا يصدّقوا بهذا القرآن، حتى يروا العذاب الأليم في عاجل الدنيا، كما رأت ذلك الأمم الذين قص الله قصصهم في هذه السورة. ورفع قوله( لا يُؤْمِنُونَ ) لأن العرب من شأنها إذا وضعت في موضع مثل هذا الموضع "لا"ربما جزمت ما بعدها، وربما رفعت فتقول: ربطت الفرس لا تنفلتْ، وأحكمت العقد لا ينحلّ، جزما ورفعا. وإنما تفعل ذلك لأن تأويل ذلك: إن لم أحكم العقد انحلّ، فجزمه على التأويل، ورفعه بأن الجازم غير ظاهر.
ومن الشاهد على الجزم في ذلك قول الشاعر:
لَوْ كُنْتَ إذْ جِئْتَنا حاوَلْتَ رؤْيَتَنا... أوْ جِئْتنا ماشِيا لا يَعْرِف الفَرَس (٢)
وقول الآخر:

(١) سقط تفسير ابن زيد لما أراد من الآية، ولعله الكفر أو الشرك، أو نحوه، أو مثله.
(٢) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (مصورة الجامعة الورقة ٢٣٠) قال: وقوله: (كذلك سلكناه) تقول: سلكنا التكذيب في قلوب المجرمين كيلا يؤمنوا به حتى يروا العذاب الأليم. وإذا كان موقع كى في مثل هذا "لا" و "إن" جميعًا، صلح الجزم في "لا" والرفع. والعرب تقول: ربطت الفرس لا ينفلت: جزمًا ورفعًا وأوثقت العبد لا يفر: جزما ورفعًا؛ وإنما جزم، لأن تأويله: إن لم أربطه فر؛ فجزم على التأويل. أنشدني بعض بني عقيل:
وَحَتى رَأَيْنَا أَحْسَنَ الْفِعْلِ بَيْنَنَا مُسَاكَتَةً لا يَفْرِقُ الشَّرَّ فَارِقُ
ينشد رفعًا وجزمًا. وقال الآخر: "لو كنت إذ جئتنا.." البيت: رفعًا وجزمًا، وقوله: "لطالما حلأتماها.." الشاهد الآتي بعد من ذلك.


الصفحة التالية
Icon