نَارًا قَالَ لأهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا ): أي أحسست نارا.
وقد بيَّنا معنى الطور فيما مضى بشواهده، وما فيه من الرواية عن أهل التأويل.
وقوله:( لأهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا ) يقول: قال موسى لأهله: تَمهَّلُوا وانتظروا: إنّي أبصرت نارا( لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا ) يعني من النار( بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ ) يقول: أو آتيكم بقطعة غليظة من الحطب فيها النار، وهي مثل الجِذْمة من أصل الشجرة; ومنه قول ابن مقبل:
بَاتَتْ حَوَاطِبُ لَيْلَى يَلْتَمِسْنَ لَهَا... جَزْلَ الجِذَا غيرَ خَوَّارٍ وَلا دَعِرِ (١)
وفي الجِذوة لغات للعرب ثلاث: جِذوة بكسر الجيم، وبها قرأت قرّاء الحجاز والبصرة وبعض أهل الكوفة. وهي أشهر اللغات الثلاث فيها، وجَذوة بفتح الجيم، وبها قرأ أيضًا بعض قرّاء الكوفة (٢). وهذه اللغات الثلاث وإن كنّ مشهورات في كلام العرب، فالقراءة بأشهرها أعجب إليّ، وإن لم أنكر قراءة من قرأ بغير الأشهر منهنّ.
وبنحو الذي قلنا في معنى الجذوة قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عليّ، قال: ثنا عبد الله، قال: ثني معاوية عن عليّ، عن ابن عباس، قوله:( أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ ) يقول: شهاب.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة( أَوْ جَذْوَةٍ ) والجذوة: أصل شجرة فيها نار.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا أبو سفيان، عن معمر، عن قَتادة، قوله:( إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ ) قال: أصل الشجرة
(٢) سقط من قلم الناسخ اللغة الثالثة، وهي: جذوة (بضم الجيم) وبها قرئ أيضًا.