٢٠١٧- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو بكر بن عياش قال، حدثنا أبو حصين، عن سعيد بن جبير في قوله:"للطائفين" قال، من أتاه من غربة.
* * *
وقال آخرون: بل"الطائفون" هم الذين يطوفون به، غرباء كانوا أو من أهله.
* ذكر من قال ذلك:
٢٠١٨- حدثنا محمد بن العلاء قال، حدثنا وكيع، عن أبي بكر الهذلي، عن عطاء:"للطائفين" قال، إذا كان طائفا بالبيت فهو من"الطائفين".
* * *
وأولى التأويلين بالآية ما قاله عطاء. لأن"الطائف" هو الذي يطوف بالشيء دون غيره. والطارئ من غَرْبةٍ لا يستحق اسم"طائف بالبيت"، إن لم يطف به.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى :﴿ وَالْعَاكِفِينَ ﴾
قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"والعاكفين"، والمقيمين به."والعاكف على الشيء"، هو المقيم عليه، كما قال نابغة بني ذبيان:
عكوفا لدى أبياتهم يثمدونهم... رمى الله في تلك الأكف الكوانع (١)
ليهن بني ذبيان أن بلادهم | خلت لهم من كل مولى وتابع |
سوى أسد، يحمونها كل شارق | بألفي كمي، ذي سلاح، ودارع |
وقوله :"يثمدونهم" أصله من قولهم :"ثمد الماء يثمده ثمدا"، نبث عنه التراب ليخرج. وماء مثمود : كثر عليه الناس حتى فني ونفد إلا أقله. وأخذوا منه :"رجل مثمود"، إذا ألح الناس عليه في السؤال، فأعطى حتى نفد ما عنده. يقول : يظل بنو سعد ومالك لدى أبيات عبد بن سعد يستنزفون أموالهم. يصفهم بالخسة وسقوط الهمة. ومن روى :"يثمدونها" وأعاد الضمير إلى"أبياتهم"، فهو مثله، في أنهم يلازمون بيوتهم ويسترزقونها، يهزأ بهم.
والكوانع جمع كانع : وهو الخاضع الذي تدانى وتصاغر وتقارب بعضه من بعض، كأنه يتقبض من ذلته. يصفهم بالخسة والطمع والسؤال الذليل. وقوله :"رمى الله" يعني أصابها بما يستأصلها، ورواية الديوان :"في تلك الأنوف"، فمعناه : رمى فيها بالجدع، وهو دعاء عليهم، واشمئزاز من حقارتهم.