فإن ظن ظان أن المرأة إذا فارقها زوجها فقد بطل أن يكون بيده عقدة نكاحها، والله تعالى ذكره إنما أجاز عفو الذي بيده عقدة نكاح المطلقة، فكان معلوما بذلك أن الزوج غير معني به، وأن المعني به هو الذي بيده عقدة نكاح المطلقة بعد بينونتها من زوجها. وفي بطول ذلك أن يكون حينئذ بيد الزوج، صحة القول أنه بيد الولي الذي إليه عقد النكاح إليها. وإذا كان ذلك كذلك، صح القول بأن الذي بيده عقدة النكاح هو الولي= فقد غفل وظن خطأ. (١)
وذلك أن معنى ذلك: أو يعفو الذي بيده عقدة نكاحه، وإنما أدخلت"الألف واللام" في"النكاح" بدلا من الإضافة إلى"الهاء" التي كان"النكاح" - لو لم يكونا فيه (٢) مضافا إليها، كما قال الله تعالى ذكره:( فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) [سورة النازعات: ٤١]، بمعنى: فإن الجنة مأواه، وكما قال نابغة بني ذبيان:
لهم شيمة لم يعطها الله غيرهم... من الناس، فالأحلام غير عوازب (٣)
(٢) في المطبوعة :"لو لم تكن أل فيه"، والذي حدا بهم إلى هذا التغيير أنها في المخطوطة مضطربة، كتبت هكذا :"لو لم يكن ما فيه" - الواو ممدودة منقوطة كأنها نون. والصواب ما أثبت. والضمير في"يكونا" إلى"الألف واللام".
(٣) ديوانه : ٤٥، وسيأتي في التفسير ١٣ : ٤ (بولاق) من قصيدته في مدح عمرو بن الحارث الأصغر الأعرج الغساني، وذلك حين فر من النعمان بن المنذر إلى الشام في أمر المتجردة. والضمير في :"لهم" إلى ملوك غسان من بني جفنة. والشيمة : الطبيعة. ورواية الديوان :"من الجود" بدل"من الناس" ورواية الطبري في سياق هذه القصيدة أجود، لأن البيت جاء بعد وصفهم في الحروب بشدة القتال، حتى قال قبله :
بضرب يزيل الهام عن سكناته | وطعن كإيزاغ المخاض الضوارب |