واللام للعهد فهو أيضا جائز لأن جميع المعاصي برضى هذا الشيطان والراضي يجري مجرى الفاعل له وإذا استبعدت ذلك فاعرفه بالمسألة الشرعية فإن عند أبي حنيفة قراءة الإمام قراءة للمقتدي من حيث رضي بها وسكت خلفه
النكتة السادسة عشرة
الشيطان مأخوذ من شطن إذا بعد فحكم عليه بكونه بعيدا وأما المطيع فقريب قال الله تعالى واسجد واقترب العلق ١٩ والله قريب منك قال الله تعالى وإذا سألك عبادي عني فإني قريب البقرة ١٨٦ وأما الرجيم فهو المرجوم بمعنى كونه مرميا بسهم اللعن والشقاوة وأما أنت فموصول بحبل السعادة قال الله تعالى وألزمهم كلمة التقوى الفتح ٢٦ فدل هذا على أنه جعل الشيطان بعيدا مرجوما وجعلك قريبا موصولا ثم إنه تعالى أخبر إنه لا يجعل الشيطان الذي هو بعيد قريبا لأنه تعالى قال ولن تجد لسنة الله تحويلا فاطر ٤٣ فاعرف أنه لما جعلك قريبا فإنه لا يطردك ولا يبعدك عن فضله ورحمته
النكتة السابعة عشرة
قال جعفر الصادق إنه لا بد قبل القراءة من التعوذ وأما سائر الطاعات فإنه لا يتعوذ فيها والحكمة فيه أن العبد قد ينجس لسانه بالكذب والغيبة والنميمة فأمر الله تعالى العبد بالتعوذ ليصير لسانه طاهرا فيقرأ بلسان طاهر كلاما أنزل من رب طيب طاهر
النكتة الثامنة عشرة
كأنه تعالى يقول إنه شيطان رجيم وأنا رحمن رحيم فابعد عن الشيطان الرجيم لتصل إلى الرحمن الرحيم
النكتة التاسعة عشرة
الشيطان عدوك وأنت عنه غافل غائب قال تعالى إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم الأعراف ٢٧ فعلى هذا لك عدو غائب ولك حبيب غالب لقوله تعالى والله غالب على أمره يوسف ٢١ فإذا قصدك العدو الغائب فافزع إلى الحبيب الغالب والله سبحانه وتعالى أعلم بمراده
الباب الرابع
في المسائل الملتحقة بقوله ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
المسألة الأولى
فرق بين أن يقال أعوذ بالله وبين أن يقال بالله أعوذ فإن الأول لا يفيد الحصر والثاني يفيده فلم ورد الأمر بالأول دون الثاني مع أنا بينا أن الثاني أكمل وأيضا جاء قوله الحمد لله وجاء قوله لله الحمد وأما هنا فقد جاء أعوذ بالله وما جاء قوله بالله أعوذ فما الفرق
المسألة الثانية
قوله أعوذ بالله لفظه الخبر ومعناه الدعاء والتقدير اللهم أعذني ألا ترى أنه قال وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم آل عمران ٣٦ كقوله أستغفر الله أي اللهم اغفر لي والدليل عليه أن قوله أعوذ بالله إخبار عن فعله وهذا القدر لا فائدة فيه إنما الفائدة في أن يعيذه الله فما السبب في أنه قال أعوذ بالله ولم يقل أعذني والجواب أن بين الرب وبين العبد عهدا كما قال تعالى وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم النحل ٩١ وقال وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم البقرة ٤٠ فكأن العبد يقول أنا مع لؤم الإنسانية


الصفحة التالية
Icon