المعرف فلا جرم كان الاسم عاليا على المعنى ومتقدما عليه وقال الكوفيون هو مشتق من وسم يسم سمة والسمة العلامة فالاسم كالعلامة المعرفة للمسمى حجة البصريين لو كان اشتقاق الاسم من السمة لكان تصغيره وسيما وجمعه أوساما
المسألة الرابعة
الذين قالوا اشتقاقه من السمة قالوا أصله من وسم يسم ثم حذف منه الواو ثم زيد فيه ألف الوصل عوضا عن المحذوف كالعدة والصفة والزنة أصله الوعد والوصف والوزن أسقط منها الواو وزيد فيها الهاء وأما الذين قالوا اشتقاقه من السمو وهو العلو فلهم قولان الأول أن أصل الاسم من سما يسمو وسما يسمى والأمر فيه اسم كقولنا ادع من دعوت أو اسم مثل ارم من رميت ثم إنهم جعلوا هذه الصيغة اسما وأدخلوا عليها وجوه الأعراب وأخرجوها عن حد الأفعال قالوا وهذا كما سموا البعير يعملا وقال الأخفش هذا مثل الآن فإن أصله آن يئين إذا حضر ثم ادخلوا الألف واللام على الماضي من فعله وتركوه مفتوحا والقول الثاني أصله سمو مثل حمو وإنما حذفت الواو من آخره استثقالا لتعاقب الحركات عليها مع كثرة الدوران وإنما أعربوا الميم لأنها صارت بسبب حذف الواو آخر الكلمة فنقل حركة الواو إليها وإنما سكنوا السين لأنه لما حذفت الواو بقي حرفان أحدهما ساكن والآخر متحرك فلما حرك الساكن وجب تسكين المتحرك ليحصل الاعتدال وإنما أدخلت الهمزة في أوله لأن الابتداء بالساكن محال فاحتاجوا إلى ذكر ما يبتدأ به وإنما خصت الهمزة بذلك لأنها من حروف الزيادة النوع الثاني من مباحث هذا الباب المسائل العقلية فنقول أما حد الاسم وذكر أقسامه وأنواعه فقد تقدم ذكره في أول هذا الكتاب وبقي ههنا مسائل
المسألة الأولى
قالت الحشوية والكرامية والأشعرية الاسم نفس المسمى وغير التسمية وقالت المعتزلة الاسم غير المسمى ونفس التسمية والمختار عندنا أن الاسم غير المسمى وغير التسمية وقبل الخوض في ذكر الدلائل لا بد من التنبيه على مقدمة وهي أن قول القائل الاسم هل هو نفس المسمى أم لا يجب أن يكون مسبوقا ببيان أن الاسم ما هو وأن المسمى ما هو حتى ينظر بعد ذلك في أن الاسم هل هو نفس المسمى أم لا فنقول إن كان المراد بالاسم هذا اللفظ الذي هو أصوات مقطعة وحروف مؤلفة وبالمسمى تلك الذوات في أنفسها وتلك الحقائق بأعيانها فالعلم الضروري حاصل بأن الاسم غير المسمى والخوض في هذه المسألة على هذا التقدير يكون عبثا وإن كان المراد بالاسم ذات المسمى وبالمسمى أيضا تلك الذات كان قولنا الاسم هو المسمى معناه أن ذات الشيء عين الشيء وهذا وإن كان حقا إلا أنه من باب إيضاح الواضحات وهو عبث فثبت أن الخوض في هذا البحث على جميع التقديرات يجري مجرى العبث
المسألة الثانية
اعلم أنا استخرجنا لقول من يقول الاسم نفس المسمى تأويلا لطيفا دقيقا وبيانه أن الاسم اسم لكل لفظ دل على معنى من غير أن يدل على زمان معين ولفظ الاسم كذلك فوجب أن يكون لفظ الاسم اسما لنفسه فيكون لفظ الاسم مسمى بلفظ الاسم ففي هذه الصورة الاسم نفس المسمى إلا أن فيه إشكالا وهو أن كون الاسم اسما للمسمى من باب الاسم المضاف وأحد المضافين لا بد وأن يكون مغايرا للآخر
المسألة الثالثة
في ذكر الدلائل الدالة على أن الاسم لا يجوز أن يكون هو المسمى وفيه وجوه الأول أن الاسم قد يكون موجودا مع كون المسمى معدوما فإن قولنا المعدوم منفي معناه سلب لا ثبوت له والألفاظ موجودة مع أن المسمى بها عدم محض ونفي صرف وأيضا قد يكون المسمى موجودا والاسم معدوما مثل الحقائق التي ما وضعوا لها أسماء معينة وبالجملة فثبوت كل واحد منهما حال عدم الآخر معلوم مقرر وذلك يوجب المغايرة الثاني أن الأسماء تكون كثيرة مع كون المسمى واحدا كالأسماء المترادفة وقد يكون الاسم واحدا والمسميات كثيرة كالأسماء المشتركة وذلك أيضا يوجب المغايرة الثالث أن كون الاسم اسما للمسمى وكون المسمى بالاسم من باب الإضافة كالمالكية والمملوكية وأحد المضافين مغاير للآخر ولقائل أن يقول يشكل هذا بكون الشيء عالما بنفسه الرابع الاسم أصوات مقطعة وضعت لتعريف المسميات وتلك الأصوات أعراض غير باقية والمسمى قد يكون باقيا بل يكون واجب الوجود لذاته الخامس أنا إذا تلفظنا بالنار والثلج فهذان اللفظان موجودان في ألسنتنا فلو كان الاسم نفس المسمى لزم أن يحصل في ألسنتنا النار والثلج وذلك لا يقوله عاقل السادس قوله تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها الأعراف ١٨٠ وقوله
( ﷺ ) إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما فههنا الأسماء كثيرة والمسمى واحد وهو الله عز وجل السابع أن قوله تعالى بسم الله وقوله تبارك اسم ربك الرحمن ٧٨ ففي هذه الآيات يقتضي إضافة الاسم إلى الله تعالى وإضافة الشيء إلى نفسه محال الثامن أنا ندرك تفرقة ضرورية بين قولنا اسم الله وبين قولنا اسم الاسم وبين قولنا الله الله وهذا يدل على أن الاسم غير المسمى التاسع أنا نصف الأسماء بكونها عربية وفارسية فنقول الله اسم عربي وخداي اسم فارسي وأما ذات الله تعالى فمنزه عن كونه كذلك العاشر قال الله تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها الأعراف ١٨٠ أمرنا بأن ندعو الله بأسمائه فالاسم آلة الدعاء والمدعو هو الله تعالى والمغايرة بين ذات المدعو وبين اللفظ الذي يحصل به الدعاء معلوم بالضرورة واحتج من قال الاسم هو المسمى بالنص والحكم أما النص فقوله تعالى تبارك اسم ربك الرحمن ٧٨ والمتبارك المتعالي هو الله تعالى لا الصوت ولا الحرف وأما الحكم فهو أن الرجل إذا قال زينب طالق وكان زينب اسما لامرأته وقع عليها الطلاق ولو كان الاسم غير المسمى لكان قد أوقع الطلاق على غير تلك المرأة فكان يجب أن لا يقع الطلاق عليها والجواب عن الأول أن يقال لم لا يجوز أن يقال كما أنه يجب علينا أن نعتقد كونه تعالى منزها عن


الصفحة التالية
Icon