إذ عرفت هذا فنقول النقيب فعيل والفعيل يحتمل الفاعل والمفعول فإن كان بمعنى الفاعل فهو الناقب عن أحوال القوم المفتش عنها وقال أبو مسلم النقيب ههنا فعيل بمعنى مفعول يعني اختارهم على بهم ونظيره أنه يقال للمضروب ضريب وللمقتول قتيل وقال الأصم هم المنظور إليهم والمسند إليهم أمور القوم وتدبير مصالحهم
المسألة الثالثة أن بني إسرائيل كانوا اثنى عشر سبطاً فاختار الله تعالى من كل سبط رجلاً يكون نقيباً لهم وحاكماً فيهم وقال مجاهد والكلبي والسدي أن النقباء بعثوا إلى مدينة الجبارين الذين أمر موسى عليه السلام بالقتال معهم ليقفوا على أحوالهم ويرجعوا بذلك إلى نبيهم موسى عليه السلام أن يحدثوهم فنكثوا الميثاق إلا كالب بن يوفنا من سبط يهوذا ويوشع بن نون من سبط إفراثيم بن يوسف وهما اللذان قال الله تعالى فيهما قَالَ رَجُلاَنِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ ( المائدة ٢٣ ) الآية
قوله تعالى وَقَالَ اللَّهُ إِنّى مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلواة َ وَءاتَيْتُمْ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ مَّثَلُ الْجَنَّة ِ الَّتِى وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَارُ وفيه مسائل
المسألة الأولى في الآية حذف والتقدير وقال الله لهم إني معكم إلا أنه حذف ذلك لاتصال الكلام بذكرهم
المسألة الثانية قوله إِنّى مَعَكُمْ خطاب لمن فيه قولان الأول أنه خطاب للنقباء أي وقال الله للنقباء إني معكم والثاني أنه خطاب لكل بني إسرائيل وكلاهما محتمل إلا أن الأول أولى لأن الضمير يكون عائداً إلى أقرب المذكورات وأقرب المذكور هنا النقباء والله أعلم
المسألة الثالثة أن الكلام قد تم عند قوله وَقَالَ اللَّهُ إِنّى مَعَكُمْ والمعنى إني معكم بالعلم والقدرة فأسمع كلامكم وأرى أفعالكم وأعلم ضمائركم وأقدر على إيصال الجزاء إليكم فقوله إِنّى مَعَكُمْ مقدمة معتبرة جداً في الترغيب والترهيب ثم لما وضع الله تعالى هذه المقدمة الكلية ذكر بعدها جملة شرطية والشرط فيها مركب من أمور خمسة وهي قوله لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلواة َ وَءاتَيْتُمْ الزَّكَواة َ وَءامَنتُمْ بِرُسُلِى وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً والجزاء هو قوله لاكَفّرَنَّ عَنْكُمْ وذلك إشارة إلى إزالة العقاب وقوله لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَارُ وهو إشارة إلى إيصال الثواب وفي الآية سؤالات