المسألة الثانية قوله فَقَاتِلُواْ أَئِمَّة َ الْكُفْرِ معناه قاتلوا الكفار بأسرهم إلا أنه تعالى خص الأئمة والسادة منهم الذكر لأنهم هم الذين يحرضون الأتباع على هذه الأعمال الباطلة
المسألة الثالثة قال الزجاج هذه الآية توجب قتل الذمي إذا أظهر الطعن في الإسلام لأن عهده مشروط بأن لا يطعن فإن طعن فقد نكث ونقض عهدهم
ثم قال تعالى إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ قرأ ابن عامر لا أَيْمَانَ لَهُمْ بكسر الألف ولها وجهان أحدها لا أمان لهم أي لا تؤمنوهم فيكون مصدراً من الإيمان الذي هو ضد الإخافة والثاني أنهم كفرة لا إيمان لهم أي لا تصديق ولا دين لهم والباقون بفتح الهمزة وهو جمع يمين ومعناه لا أيمان لهم على الحقيقة وأيمانهم ليست بأيمان وبه تمسك أبو حنيفة رحمه الله في أن يمين الكافر لا يكون يميناً وعند الشافعي رحمه الله يمينهم يمين ومعنى هذه الآية عنده أنهم لما لم يفوا بها صارت أيمانهم كأنها ليست بأيمان والدليل على أن أيمانهم أيمان أنه تعالى وصفها بالنكث في قوله وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم ولو لم يكن منعقداً لما صح وصفها بالنكث
ثم قال تعالى لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ وهو متعلق بقوله فَقَاتِلُواْ أَئِمَّة َ الْكُفْرِ أي ليكن غرضكم في مقاتلتهم بعدما وجد منهم ما وجد من العظائم أن تكون المقاتلة سبباً في انتهائهم عما هم عليه من الكفر وهذا من غاية كرم الله وفضله على الإحسان
( ١٣ )
أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّة ٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُم مُّؤُمِنِينَ
اعلم أنه تعالى لما قال قَاتَلُواْ أَئِمَّة َ الْكُفْرِ ( التوبة ١٢ ) أتبعه بذكر السبب الذي يبعثهم على مقاتلتهم فقال أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُواْ
واعلم أنه تعالى ذكر ثلاثة أسباب كل واحد منها يوجب مقاتلتهم لو انفرد فكيف بها حال الاجتماع أحدها نكثهم العهد وكل المفسرين حمله على نقض العهد قال ابن عباس والسدي والكلبي نزلت في كفار مكة نكثوا أيمانهم بعد عهد الحديبية وأعانوا بني بكر على خزاعة وهذه الآية تدل على أن قتال الناكثين أولى من قتال غيرهم من الكفار ليكون ذلك زجراً لغيرهم وثانيها قوله وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ فإن هذا من أوكد ما يجب القتال لأجله واختلفوا فيه فقال بعضهم المراد إخراجه من مكة حين هاجر وقال بعضهم بل المراد من المدينة لما أقدموا عليه من المشورة والاجتماع على قصده بالقتل وقال آخرون بل هموا بإخراجه من حيث أقدموا على ما يدعوه إلى الخروج وهو نقض العهد وإعانة أعدائه فأضيف الإخراج إليهم توسعاً لما وقع منهم من الأمور الداعية إليه وقوله وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ إما