معصية والإتيان بالمعصية لا يكون توبة عن معصية أخرى بل يقول القاذف باطلاً ندمت على ما قلت ورجعت عنه ولا أعود إليه
أما قوله وَأَصْلَحُواْ فقال أصحابنا إنه بعد التوبة لا بد من مضي مدة عليه في حسن الحال حتى تقبل شهادته وتعود ولايته ثم قدروا تلك المدة بسنة حتى تمر عليه الفصول الأربع التي تتغير فيها الأحوال والطباع كما يضرب للعنين أجل سنة وقد علق الشرع أحكاماً بالسنة من الزكاة والجزية وغيرهما
وأما قوله تعالى فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ فالمعنى أنه لكونه غفوراً رحيماً يقبل التوبة وهذا يدل على أن قبول التوبة غير واجب عقلاً إذ لو كان واجباً لما كان في قبوله غفوراً رحيماً لأنه إذا كان واجباً فهو إنما يقبله خوفاً وقهراً لعلمه بأنه لو لم يقبله لصار سفيهاً ولخرج عن حد الإلهية أما إذا لم يكن واجباً فقبله فهناك تتحقق الرحمة والإحسان وبالله التوفيق
الحكم الرابع
حكم اللعان
وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَة ُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ وَالْخَامِسَة ُ أَنَّ لَعْنَة َ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ وَيَدْرَؤُاْ عَنْهَا الْعَذَابَ أَن تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَة َ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَآ إِن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ
إعلم أنه سبحانه لما ذكر أحكام قذف الأجنبيات عقبه بأحكام قذف الزوجات ثم هذه الآية مشتملة على أبحاث
البحث الأول في سبب نزوله وذكروا فيه وجوها أحدها قال ابن عباس رحمهم الله ( لما تزل قوله تعالى وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَة ِ شُهَدَاء قال عاصم بن عدي الأنصاري إن دخل منا رجل بيته فوجد رجلاً على بطن امرأته فإن جاء بأربعة رجال يشهدوا بذلك فقد قضى الرجل حاجته وخرج وإن قتله قتل به وإن قال وجدت فلاناً مع تلك المرأة ضرب وإن سكت سكت على غيظ اللهم افتح وكان لعاصم هذا ابن عم يقال له عويمر وله امرأة يقال لها خولة بنت قيس فأتى عويمر عاصماً فقال لقد رأيت شريك بن سحماء على بطن امرأتي خولة فاسترجع عاصم وأتى رسول الله ( ﷺ ) فقال يا رسول الله ما أسرع ما ابتليت بهذا في أهل بيتي فقال رسول الله ( ﷺ ) وما ذاك فقال أخبرني عويمر ابن عمي بأنه رأى شريك بن سحماء على بطن امرأته خولة وكان عويمر وخولة وشريك كلهم بنو عم عاصم فدعا رسول الله ( ﷺ ) بهم جميعاً وقال لعويمر اتق الله في زوجتك وابنة عمك ولا تقذفها فقال يا رسول الله أقسم بالله أني رأيت شريكاً على بطنها


الصفحة التالية
Icon