إلا الساعة إتيانها بغتة وقرىء فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَة َ أَن تَأْتِيَهُمْ على الشرط وجزاؤه لا ينفعهم ذكراهم يدل عليه قوله تعالى فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ وقد ذكرنا أن القيامة سميت بالساعة لساعة الأمور الواقعة فيها من البعث والحشر والحساب
وقوله فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا يحتمل وجهين أحدهما لبيان غاية عنادهم وتحقيقه هو أن الدلائل لما ظهرت ولم يؤمنوا لم يبق إلا إيمان اليأس وهو عند قيام الساعة لكن أشراطها بانت فكان ينبغي أن يؤمنوا ولم يؤمنوا فهم في لجة الفساد وغاية العناد ثانيهما يكون لتسلية قلوب المؤمنين كأنه تعالى لما قال فَهَلْ يَنظُرُونَ فهم منه تعذيبهم والساعة عند العوام مستبطأة فكأن قائلاً قال متى الساعة فقد جاء أشراطها كقوله تعالى اقْتَرَبَتِ السَّاعَة ُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ( القمر ١ ) والأشراط العلامات قال المفسرون هي مثل انشقاق القمر ورسالة محمد عليه السلام ويحتمل أن يقال معنى الأشراط البينات الموضحة لجواز الحشر مثل خلق الإنسان ابتداء وخلق السماوات والأرض كما قال تعالى أَوَلَيْسَ الَذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ( ي س ٨١ ) والأول هو التفسير
ثم قال تعالى فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ يعني لا تنفعهم الذكرى إذ لا تقبل التوبة ولا يحسب الإيمان والمراد فكيف لهم الحال إذا جاءتهم ذكراهم ومعنى ذلك يحتمل أن يكون هو قوله تعالى هَاذَا يَوْمُكُمُ الَّذِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ ( الأنبياء ١٠٣ ) هَاذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِى كُنتُمْ بِهِ تُكَذّبُونَ ( الصافات ٢١ ) فيذكرون به للتحسر وكذلك قوله تعالى وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءوهَا فُتِحَتْ أَبْوابُهَا وَقَالَ ( الزمر ٧١ )
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إله إِلأ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ
ولبيان المناسبة وجوه الأول هو أنه تعالى لما قال فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا ( محمد ١٨ ) قال فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إله إِلائَ اللَّهِ يأتي بالساعة كما قال تعالى أَزِفَتِ الاْزِفَة ُ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ كَاشِفَة ٌ وثانيها فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا وهي آتية فكأن قائلاً قال متى هذا فقال فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إله إِلائَ اللَّهِ فلا تشتغل به واشتغل بما عليك من الاستغفار وكن في أي وقت مستعداً للقائها ويناسبه قوله تعالى وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ الثالث فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إله إِلائَ اللَّهِ ينفعك فإن قيل النبي عليه الصلاة والسلام كان عالماً بذلك فما معنى الأمر نقول عنه من وجهين أحدهما فاثبت على ما أنت عليه من العلم كقول القائل لجالس يريد القيام اجلس أي لا تقم ثانيهما الخطاب مع النبي عليه الصلاة والسلام والمراد قومه والضمير في أنه للشأن وتقدير هذا هو أنه عليه السلام لما دعا القوم إلى الإيمان ولم يؤمنوا ولم يبق شيء يحملهم على الإيمان إلا ظهور الأمر بالبعث والنشور وكان ذلك مما يحزن النبي عليه الصلاة والسلام فسلى قلبه وقال أنت كامل في نفسك مكمل لغيرك فإن لم يكمل بك قوم لم يرد الله تعالى بهم خيراً فأنت في نفسك عامل بعلمك وعلمك حيث تعلم أن الله واحد وتستغفر وأنت بحمد الله مكمل وتكمل المؤمنين والمؤمنات وأنت تستغفر لهم فقد حصل لك الوصفان فاثبت على ما أنت عليه ولا يحزنك كفرهم وقوله تعالى وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ يحتمل وجهين أحدهما أن يكون الخطاب معه والمراد المؤمنون وهو بعيد لإفراد المؤمنين والمؤمنات بالذكر وقال بعض الناس لِذَنبِكِ أي لذنب أهل بيتك وللمؤمنين والمؤمنات أي الذين ليسوا منك بأهل بيت


الصفحة التالية
Icon