الثانية - استدل علماؤنا بإرجاء العذاب عن قوم صالح ثلاثة أيام على أن المسافر إذا لم يجمع على إقامة أربع ليال قصر، لأن الثلاثة الأيام خارجة عن حكم الإقامة.
وقد تقدم في " النساء " (١) ما للعلماء في هذا.
قوله تعالى: (ذلك وعد غير مكذوب) أي غير كذب.
وقيل: غير مكذوب فيه.
قوله تعالى: (فلما جاء أمرنا) أي عذابنا.
(نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا) تقدم.
(ومن خزى يومئذ) أي ونجيناهم من خزى يومئذ، أي من فضيحته وذلتة.
وقيل الواو زائدة، أي نجيناهم من خزى يومئذ.
ولايجوز زيادتها عند سيبويه وأهل البصرة، وعند الكوفيين يجوز زيادتها مع " لما " " وحتى " لا غير.
وقرأ نافع و الكسائي " يومئذ " بالنصب.
الباقون بالكسر على إضافة " يوم " إلى " إذ ".
وقال أبو حاتم: حدثنا أبو زيد عن أبى عمر أنه قرأ " ومن خزى يومئذ " أدغم الياء في الياء، وأضاف، وكسر الميم في " يومئذ ".
قال النحاس: الذى يرويه النحويون - مثل سيبويه ومن قاربه عن أبى عمرو في مثل هذا - الإخفاء، فأما الإدغام فلا يجوز، لأنه يلتقى ساكنان، ولا يجوز كسر الزاى.
قوله تعالى: (وأخذ الذين ظلموا الصيحة) أي في اليوم الرابع صيح بهم فماتوا، وذكر لأن الصيحة والصياح واحد.
قيل: صيحه جبريل.
وقيل: صيحة من السماء فيها
صوت كل صاعقة، وصوت كل شئ في الأرض، فتقطعت قلوبهم وماتوا.
وقال هنا: " وأخذ الذين ظلموا الصيحة " وقال في " الأعراف " " وأخذتهم الرجفة " وقد تقدم بيانه هناك (٢) وفى التفسير: أنهم لما أيقنوا بالعذاب قال بعضهم لبعض ما مقامكم أن يأتيكم الأمر بغتة ؟ ! قالوا: فما نصنع ؟ فأخذوا سيوفهم ورماحهم وعددهم، وكانوا فيما يقال اثنى عشر ألف قبيلة، في كل قبيلة اثنا عشر ألف مقاتل، فوقفوا على الطرق والفجاج، زعموا يلاقون العذاب، فأوحى الله تعالى إلى الملك الموكل بالشمس أن يعذبهم بحرها،
(٢) راجع ج ٧ ص ٢٤٢.
(*)