" قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق " وبعد ألا تكون هذه الخاصية.
فوجه الكلام أنه ليس، لنا إلى بناتك تعلق، ولا هن قصدنا، ولا لنا عادة نطلب ذلك.
(وإنك تعلم ما نريد) إشارة إلى الأضياف.
قوله تعالى: (قال لو أن لى بكم قوة) لما رأى استمرارهم في غيهم، وضعف عنهم، ولم يقدر على دفعهم، تمنى لو وجد عونا على ردهم، فقال على جهة التفجع والاستكانة.
: " لو أن لي بكم قوة " أي أنصارا وأعوانا.
وقال ابن عباس: أراد الولد.
و " أن " في موضع رفع بفعل مضمر، تقديره: لو اتفق أو وقع.
وهذا يطرد في " أن " التابعة ل " لو ".
وجواب " لو " محذوف، أي لرددت أهل الفساد، وحلت بينهم وبين ما يريدون.
(أو آوى إلى ركن شديد) أي ألجأ وأنضوي.
وقرئ " أو آوي " بالنصب عطفا على " قوة " كأنه قال: " لو أن لي بكم قوة " أو إيواء إلى ركن شديد، أي وأن آوي، فهو منصوب بإضمار " أن ".
ومراد لوط بالركن العشيرة، والمنعة بالكثرة.
وبلغ بهم قبيح فعلهم إلى قوله هذا مع علمه بما عند الله تعالى، فيروى أن الملائكة وجدت عليه حين قال هذه الكلمات، وقالوا: إن ركنك لشديد.
وفي البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: " يرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن
شديد " الحديث، وقد تقدم في " البقرة " (١).
وخرجه الترمذي وزاد " ما بعث الله بعده نبيا إلا في ثروة من قومه ".
قال محمد بن عمرو: والثروة الكثرة والمنعة، حديث حسن.
ويروى أن لوطا عليه السلام لما غلبه قومه، وهموا بكسر الباب وهو يمسكه، قالت له الرسل: تنح عن الباب، فتنحى وانفتح الباب، فضربهم جبريل بجناحه فطمس أعينهم، وعموا وانصرفوا على أعقابهم يقولون: النجاء، قال الله تعالى: " ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم " (٢) [ القمر: ٣٧ ].
وقال ابن عباس وأهل التفسير: أغلق لوط بابه والملائكة معه في الدار، وهو يناظر قومه ويناشدهم من وراء الباب، وهم يعالجون تسور الجدار، فلما رأت الملائكة ما لقي من الجهد والكرب والنصب بسببهم، قالوا: يا لوط إن ركنك لشديد، وأنهم آتيهم عذاب غير مردود،
(٢) راجع ج ١٧ ص ١٤٣.
(*)