فصل


المعنى :﴿ فَلْيَحْذَرِ الذين يُخَالِفُونَ ﴾ أي : يعرضون « عَنْ أَمْرِهِ »، أو يخالفون أمره وينصرفون عنه بغير إذنه ﴿ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ﴾ أي : لئلا تصيبهم فتنة.
قال مجاهد : بلاء في الدنيا. ﴿ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ وجيع في الآخرة. والضمير في « أمره » يرجع إلى « الرسول ». وقال أبو بكر الرازي : الأظهر أنه لله تعالى لأنه يليه.

فصل


الآية تدل على أن الأمر للوجوب، لأن تارك المأمور مخالف للأمر، ومخالف الأمر يستحق العقاب، ولا معنى للوجوب إلا ذلك.
قوله تعالى :﴿ ألاا إِنَّ للَّهِ مَا فِي السماوات والأرض ﴾ أي : ملكاً وعبيداً، وهذا تنبيه على كمال قدرته تعالى عليهما، وعلى ما بينهما وفيهما.
قوله :﴿ قَدْ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ ﴾. قال الزمخشري : أدخل « قد » ليؤكد علمه بما هم عليه من المخالفة عن الدين والنفاق، ويرجع توكيد العلم إلى توكيد الوعيد، وذلك أن « قد » إذا دخلت على المضارع كانت بمعنى « رُبَّما » فوافقت « ربما » في خروجها إلى معنى التكثير في نحو قوله :
٣٨٥٨- فَإِنْ يُمْسي مَهْجُورَ الفَنَاءِ فَرُبَّمَا أقام به بَعْدَ الوُفُودِ وُفُودُ
ونحو من ذلك قول زهير :
٣٨٥٩- أَخِي ثِقَةٍ لاَ تُهْلِكُ الخَمْرُ مَالَهُ وَلكِنَّهُ قَدْ يُهْلِكُ المَالَ نَائِلُه
قال أبو حيان : وكونُ « قَدْ » إذا دخلت على المضارع أفادت التكثير قولٌ لبعض النحاة، وليس بصحيح، وإنما التكثير مفهوم من السياق. والصحيح أن رُبَّ لتقليل الشيء أو لتقليل نظيره، وإن فُهِمَ تكثير فمن السياق لا منها.
قوله :« وَيَوْمَ يُرجَعُونَ »، في « يَوْمَ » وجهان :
أحدهما : أنه مفعول به لا ظرف، لعطفه على قوله :﴿ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ ﴾، أي : يعلم الذي أنتم عليه من جميع أحوالكم، ويعلم يوم يرجعون، كقوله ﴿ إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة ﴾ [ لقمان : ٣٤ ].
وقوله :﴿ لاَ يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَآ إِلاَّ هُوَ ﴾ [ الأعراف : ١٨٧ ].
والثاني : أنه ظرف لشيء محذوف. قال ابن عطية : ويجوز أن يكون التقدير : والعلم الظاهر لكم أو نحو : هذا يومَ، فيكون النصب على الظرف. انتهى.
وقرأ العامة « يُرْجَعُونَ » مبنياً للمفعول، وأبو عمرو في آخرين مبنيًّا للفاعل، وعلى كلتا القراءتين فيجوز وجهان :
أحدهما : أن يكون في الكلام التفات من الخطاب في قوله :﴿ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ ﴾ إلى الغيبة في قوله « يرجعون ».
والثاني : أنَّ ﴿ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ ﴾ خطاب عام لكل أحد، والضمير في « يرجعون » للمنافقين خاصة، فلا التفات حينئذ.

فصل


المعنى :﴿ يَعْلَمُ مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ ﴾ من الإيمان والنفاق و « قَدْ » صلة ﴿ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ ﴾ يعني يوم البعث، ﴿ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُواْ ﴾ من الخير والشر، ﴿ والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمُ ﴾.
روي عن عائشة قالت : قال رسول الله - ﷺ - :« لا تنزلوا النساء الغرف، ولا تعلموهن الكتابة، وعلموهن الغَزْلَ وسورة النور ».
وروى الثعلبي عن أبي أُمامة عن أُبيّ بن كعب قال : قال رسول الله - ﷺ - « من قرأ سورة النور أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل مؤمن فيما مضى وفيما بقي ».


الصفحة التالية
Icon