﴿ فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ﴾ [ مريم : ٣٧ ]. ثم قال بعد كلامٍ : وكافةً معناه جميعاً، فالمراد بالكافّةِ الجماعةُ التي تَكُفُّ مخالِفيها.
وقوله :« نحو قوله فَأَتَّتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُه » يعني أنَّ « تَحْمِلُهُ » حالٌ مِنْ فاعِل « أَتَتْ » ومِنَ الهاء في « بِهِ » قال أبو حيَّان :« هذا المِثَالُ ليس مُطَابِقاً لِلْحَالِ من شَيئينِ لأنَّ لفظَ » تَحْمِلُهُ « لا يحتمل شيئَيْن، ولا تقع الحالُ مِنْ شيئينِ إِلاَّ إِذَا كان اللفظُ يحتملهما، واعتبارُ ذلك بجَعْلِ ذَوِي الحالِ مُبْتدأَيْنِ، وجعل تلك الحالَ خبراً عنهما، فمتى صَحَّ ذلك صَحَّتِ الحالُ؛ نحو قوله [ الطويل ]
١٠٢٥ - وَعُلِّقُتُ سَلْمَى وَهْيَ ذَاتُ مُوَصَّدٍ | وَلَمْ يَبْدُ للأَتْرَابِ مِنْ ثَدْيِهَا حَجْمُ |
صَغِيرَيْنِ تَرْعَى البَهْمَ يَا لَيْتَ أَنَّنَا | إِلَى اليَوْمِ لَمْ نَكْبَرْ ولَمْ تَكْبَرِ البَهْمُ |
١٠٢٦ - خَرَجْتُ بِهَا نَمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَا | عَلَى أَثَرَيْنَا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ |
واعْلَمْ أنَّ أَصْلَ « كافة » اسمُ فاعلٍ مِنْ كَفَّ يَكُفُّ، أي : مَنَع، ومنه « كَفُّ الإِنسان » ؛ لأنها تَمْنَعُ ما يقتضيه، و « كِفّة المِيزَانِ » لجمعها الموزون، ويقالُ : كَفَفْتُ فُلاَناً عن السُّوء، أي : منعتُه، ورجل مَكْفُوفٌ، أي : كُفَّ بَصَرُهُ مِنْ أَنْيبصر، وَالكُفَّةُ - بالضَّمِّ - لكل مستطيلٍ، وبالكَسْرِ، لكلِّ مُسْتدِير.