قال السدي : من أجل أنهم قلتوا يحيى بن زكريا عليهما السلام.
قال قتادة : حلمهلم بغض اليهود على معاونة بخث نصر البابلي المجوسي ].
قال ابو بكر الرازي رحمه الله تعالى في « أحكام القرآن » : هذان الوَجهان غلطان؛
لأنه لا خلاف بين أهل العلم بالسير أن عهد « بختنصّر » كان قبل مولد المسيح عليه السلام بدهر طويل، والنصارى كانوا بعد المسيح، فيكف يكونون مع بختنصّر في تخريب « بيت المقدس » ؟
وأيضاً فإن النصارى يعتقدون في تعظيم « بيت المقدس » مثل اعتقاد اليهود وأكثر، فكيف أعانوا على تخريبه.
وقيل : نزلت في مشركي العَرَبِ الذين منعوا الرسول ﷺ عن الدعاء إلى الله ب « مكة » وألجئوه إلى الهِجْرةن فصاروا مانعين له ولأصحابه أن يذكروا الله في المسجد الحرام، وقد كان الصديق رضي الله عنه بنى مسجداً عند دارهن فمنع وكان ممن يؤذيه وِلْدَان قريش ونساؤهم.
وقيل : إن قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا ﴾ [ الإسراء : ١١٠ ] نزلت في ذلك، فمنع من الجهر لئر يؤذى، وطرح أبو جهل العذرة على ظهر النبي ﷺ فقيل : ومن أظلم من هؤلاء المشركين الذين يمنعون المسلمين الذين يوحّدون الله ولا يشركون به شيئاً، ويصلون له تذللاً، وخشوعاًن ويشغلون قلوبهم بالفكر فيه، وألسنتهم بالذكر له، وجميع جسدهم بالتذلُّل لعظمته وسلطانه.
وقال أبو مسلم : المراد منه الذين صّدُّوه عن المسجد الحرام حين ذهب إليه من « المدينة » عام « الحديبية »، واستشهد بقوله تعالى :﴿ هُمُ الذين كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ المسجد الحرام ﴾ [ الفتح : ٢٥ ] حلم قوله تعالى :« إلاَّ خَائِفِينَ » بما يعلي الله من يده، ويظهر من كلمته، كما قال في المُنَافقين :﴿ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثقفوا أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً ﴾ [ الأحزاب : ٦٠٦١ ].
[ فإن قيل : كيف يجوز حمل لفظ المساجد علكى مسجد واحد؟
والجواب : أن هذا كمن يقول : من أظلم ممن آذى صالحاً واحداً، ومن أظلم ممّن آذى الصالحين.
أو يقال : إن المسجد موضع السجود، والمسجد الحرام لا يكون في الحقيقة مَسْجداً واحداً ].
قال ابن الخطيب : وعندي فيه وجه خامس، وهو أقرب إلى رعاية النظم، وهو أن يقال : إنه لما حولت القِبْلَة إلى الكعبة شقّ ذلك على اليهودن فكانوا يمنعون النَّاس عن الصَّلاة عند توجّههم إلى الكعبة، ولعلّهم أيضاً سعةوا في تخريب الكعبة بأن حملوا بعض الكفار على تخريبها، وسعوا أيضاً في تخريب مسجد الرَّسُول ﷺ لئلا يصلوا فيه متوجّهين إلى القِبْلَةِ، فعابهم الله بذلكن وبيّن سوء طريقتهم فيه.
قال : وهذا التأويل أوْلَى مما قبله، وذلك لأن الله تعالى لم يذكر في الآيات السَّابقة على هذه الآية إلاَّ قبائح أفعال اليهود ولنصارى، وذكر أيضاً بعدها قَبَائح أفعالهم، فكيف يليق بهذه الآية الواحدة أن يكون المراد منها قبائح أفعال المشركين في صَدّهم الرسول عن المَسجِدِ الحرام.


الصفحة التالية
Icon