ثالثها : أن يكون حالاً من الضمير في ﴿ يُرْزَقُونَ ﴾.
رابعها : أنه منصوبٌ على المَدْح.
خامسها : أنه صفة ل « أحياء ».
وهذا مختص بقراءة ابن أبي عبلة و « بما » يتعلق ب « فرحين ».
قوله :﴿ مِن فَضْلِهِ ﴾ في « من » ثلاثة أوجهٍ :
أحدها : أن معناها السببية، أي بسببب فضله، أي : الذي آتاهم الله متسبب عن فضله.
الثاني : أنها لابتداء الغايةِ، وعلى هذين الوجهين تتعلق ب « آتاهم ».
الثالث : أنها للتبعيض، أي : بعض فضله، وعلى هذا فتتعلق بمحذوف، على أنه حال من الضمير العائدِ على الموصول ولكنه حُذِف، والتقدير : بما آتاهموه كائناً من فَضْلهِ.
قوله :« ويستبشرون » فيه أربعة أوجهٍ :
أحدها : أن يكون من باب عطفِ الفعلِ على الاسم؛ لكون الفعل في تأويله، فيكون عطفاً على « فرحين » كأنه قيل : فرحين ومُسْتَبْشِرِين، ونظَّروه بقوله تعالى :﴿ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ﴾ [ الملك : ١٩ ].
الثاني : أنه -أيضاً- يكون من باب عطف الفعل على الاسم، ولكن لا لأن الاسم في تأويل الفعل، قال أبو البقاء هو معطوف على « فرحين » لأن اسم الفاعل -هنا- يُشْبه الفعل المضارع يعني أن « فرحين » بمنزلة يفرحون، وكأنه جعله من باب قوله :﴿ إِنَّ المصدقين والمصدقات وَأَقْرَضُواْ الله ﴾ [ الحديد : ١٨ ] والتقديرُ الأولُ أولى، لأن الاسم - وهو « فرحين » لا ضرورة بنا إلى أن نجعله في محل رفع فعل مضارع -حتى يتأول الاسم به- والفعل فَرْع فينبغي أن يُرَدَّ إليه.
وإنما فعلنا ذلك في الآية؛ لأن « أل » الموصولة بمعنى : الذي و « الذي » لا يُوصَل إلا بجملة أو شبهها، وذلك الشبهُ -في الحقيقة- يتأول بجملة.
الثالث : أن يكون مُستأنفاً، والواو للعطف، عطفت فعلية على اسمية.
الرابع : أن يكون خبراً لمبتدأ محذوفٍ، أي : وهم يستبشرون، وحينئذٍ يجوز وجهان :
أحدهما : أن تكون الجملة حاليةً من الضمير المستكن في « فرحين » أو من العائد المحذوف من « آتاهم » وإنما احتجنا إلى تقدير مبتدأ عند جعلنا إياها حالاً؛ لأن المضارعَ المثبت لا يجوز اقترانه بواو الحال لما تقدم مراراً.
الثاني من هذين الوجهين : ان تكون استئنافية، عطف جملة اسمية على مثلها.
و « استفعل » -هنا- ليست للطلب، بل تكون بمعنى المجرد، نحو : استغنى الله -بمعنى : غَنِيَ، وقد سُمِع بَشِر الرجل -بكسر العين- فيكون استبشر بمعناه، قاله ابنُ عطية. ويجوز أن يكون مطاوع أبشَرَ، نحو : أكانَهُ فاستكان، وأراحه فاستراح، وأشلاه فاستشلى، وأحكمَه فاستحكم -وهو كثيرٌ- وجعله أبو حيّان أظهر؛ من حيث إن المطاوعَة تدل على الاستفعال عن الغيرِ، فحصلت لهم البُشرى بإبشار الله تعالى، وهذا لا يلزم إذَا كان بمعنى المجردِ.
قوله :﴿ مِّنْ خَلْفِهِمْ ﴾ في هذا الجارّ وجهان :
أحدهما : أنه متعلق ب « لم يلحقوا » على معنى أنهم قد بَقُوا بَعْدَهم، وهم قد تقدموهم.


الصفحة التالية