وهذا اختيار الزَّجَّاج والزمخشري وجماعة.
الثالث : أن يكون معطوفاً على « يَرثُونَ الأرْضَ » قال الزَّمَخْشَرِيُّ.
قال أبو حيَّان :« وهو خطأٌ؛ لأنَّ المعطوف على الصِّلةِ صلةٌ، و » يَرِثُونَ « صلة ل » الَّذين « ؛ فَيَلْزِمُ الفصلُ بين أبعاض الصِّلة بأجنبي، فإن قوله :﴿ أَن لَّوْ نَشَآءُ ﴾ إمَّا فاعل ل » يَهد « أو مفعوله كما تقدم وعلى كلا التقديريْنِ فلا تعلق له بشيء من الصِّلة، وهو أجنبيٌّ منها، فلا يفصل به بين أبعاضها، وهذا الوجْهُ مؤدٍّ إلى ذلك فهو خطأ ».
الرابع : أن يكون معطوفاً على ما دَلَّ عليه معنى « أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ » كأنَّهُ قيل : يغفلون عن الهداية، ونَطْبَعُ على قُلُوبِهِم قاله الزَّمخشريُّ أيضاً.
قال أبو حيَّان :« وهو ضعيف؛ لأنَّه إضمار لا يحتاج إليه، إذْ قد صحَّ عطفه على الاستِئْنافِ من باب العطفِ على الجُمَلِ، فهو معطوف على مَجْمُوع المصدَّرة بأداء الاستفهام، وقد قاله الزَّمخْشَرِيُّ وغيره.
وقوله :﴿ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ ﴾ أتى ب » الفاء « هنا إيذاناً بتعقيب عدم سماعهم على أثَرِ الطَّبْع على قلوبهم.
فصل في بيان أنه تعالى ق يمنع العبد من الإيمان
استدل أهل السُّنَّةِ بقوله تعالى :﴿ وَنَطْبَعُ على قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَسْمَعُون ﴾ على أنَّهُ تعالى قد يمنع البعدَ من الإيمانِ، والطَّبعُ والختم والرَّيْنُ والغشاوةُ والصدُّ والمنع واحد على ما تقدَّم.
قال الجبائِيُّ : المرادُ من هذا الطبع أنَّهُ تعالى يسمُ قلوب الكفَّارِ بسماتِ وعلامت نعرف الملائكة بها أنَّ صاحبها لا يؤمن، وتلك العلامةُ غير مانعة من الإيمان.
وقال الكعبيُّ : إنَّمَا أضاف الطَّبْعَ إلى نفسه، لأجْلِ أنَّ القومَ إنَّما صاروا إلى ذلك الكُفْرِ عند أمره وامتحانه، فهو كقوله تعالى :﴿ فَلَمْ يَزِدْهُمْ دعآئي إِلاَّ فِرَاراً ﴾ [ نوح : ٦ ] وقد تقدَّم البَحْثُ في مثل ذلك.