وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبد الرحمن المغافري أن كعب الأحبار رأى حبر اليهود يبكي فقال له : ما يبكيك؟ قال : ذكرت بعض الأمور فقال له كعب : أنشدك بالله لئن أخبرتك ما أبكاك لتصدقني؟ قال : نعم. قال : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال : رب إني أجد أمة في التوراة خير أمة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويؤمنون بالكتاب الأول والكتاب الآخر، ويقاتلون أهل الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الدجال، فقال : موسى رب أجعلهم أمتي. قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم. قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال : رب إني أجد أمة هم الحمادون رعاة الشمس المحكمون، إذا أرادوا أمراً قال افعله إن شاء الله فاجعلهم أمتي. قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم. قال كعب : فأنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال : يا رب إني أجد أمة إذا أشرف أحدهم على شرف كبر الله، وإذا هبط وادياً حمد الله، الصعيد لهم طهور، والأرض لهم مسجداً حيثما كانوا يتطهرون من الجنابة، طهورهم بالصعيد كطهورهم بالماء حيث لا يجدون الماء، غر محجلون من آثار الوضوء فاجعلهم أمتي. قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر نعم.
قال كعب : انشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال : رب إني أجد أمة مرحومة ضعفاء يرثون الكتاب، واصطفيتهم ﴿ فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ﴾ [ فاطر : ٣٢ ] ولا أجد أحداً منه إلا مرحوماً فاجعلهم أمتي. قال : هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم. قال كعب : أنشدك بالله هل تجد في كتاب الله المنزل أن موسى نظر في التوراة، فقال : رب إني أجد في التوراة أمة مصاحفهم في صدورهم يلبسون الوان ثياب أهل الجنة، يصفّون في صلاتهم كصفوف الملائكة أصواتهم في مساجدهم كدوي النحل، لا يدخل النار منهم أحد إلا من بري من الحسنات مثل ما بري الحجر من ورق الشجر فاجعلهم أمتي. قال هم أمة أحمد؟ قال الحبر : نعم. فلما عجب موسى من الخير الذي أعطاه الله محمداً وأمته قال : يا ليتني من أمة أحمد، فأوحى الله إليه ثلاث آيات يرضيه بهن ﴿ يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي ﴾ [ الأعراف : ١٤٤ ] الآية فرضي موسى كل الرضا.