وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ﴾ أَنْصُرُكُمْ، ﴿فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ يَقُولُ : قَوُّوا عَزْمَهُمْ، وَصَحِّحُوا نِيَّاتَهُمْ فِي قِتَالِ عَدُوِّهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ تَثْبِيتَ الْمَلاَئِكَةِ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ حُضُورَهُمْ حَرْبَهُمْ مَعَهُمْ، وَقِيلَ : كَانَ ذَلِكَ مَعُونَتَهُمْ إِيَّاهُمْ بِقِتَالِ أَعْدَائِهِمْ، وَقِيلَ : كَانَ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمَلَكَ يَأْتِي الرَّجُلَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : سَمِعْتُ هَؤُلاَءِ الْقَوْمَ يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ يَقُولُونَ : وَاللَّهِ لَئِنْ حَمَلُوا عَلَيْنَا لَنَنْكَشِفَنَّ، فَيُحَدِّثُ الْمُسْلِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِذَلِكَ، فَتَقْوَى أَنْفُسُهُمْ. قَالُوا : وَذَلِكَ كَانَ وَحْيَ اللَّهِ إِلَى مَلاَئِكَتِهِ.
وَأَمَّا ابْنُ إِسْحَاقَ، فَإِنَّهُ قَالَ بِمَا :
١٥٨٥٩- حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ :﴿فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا﴾ أَيْ : فَآزِرُوا الَّذِينَ آمَنُوا.
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :﴿سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ﴾.
يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : سَأُرْعِبُ قُلُوبَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِي أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْكُمْ، وَأَمْلَؤُهَا فَرَقًا حَتَّى يَنْهَزِمُوا عَنْكُمْ، فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعناقِ.
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ :﴿فَوْقَ الأَعناقِ﴾ فَقَالَ بَعْضُهُمْ : مَعْنَاهُ : فَاضْرِبُوا الأَعناقَ.