ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
١٧٥٤٨- حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ : قَالَ ابْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ :﴿مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ﴾ فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ :﴿لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ قَالَ : هَذَا حِينَ كَانَ الإِسْلاَمُ قَلِيلاً، فَلَمَّا كَثُرَ الإِسْلاَمُ بَعْدُ قَالَ :﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ﴾. إِلَى آخِرِ الآيَةِ.
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي، أَنَّ اللَّهَ عَنَى بِهَا الَّذِينَ وَصَفَهُمْ بِقَوْلِهِ :﴿وَجَاءَ الْمُعَذَّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ﴾ الآيَةَ، ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلاَ لِمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ الَّذِينَ قَعَدُوا عَنِ الْجِهَادِ مَعَهُ أَنْ يَتَخَلَّفُوا خِلاَفَهُ وَلاَ يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ. وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ نَدَبَ فِي غَزْوَتِهِ تِلْكَ كُلَّ مِنْ أَطَاقَ النُّهُوَضَ مَعَهُ إِلَى الشُّخُوصِ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ أَوْ أَمَرَهُ بِالْمُقَامِ بَعْدَهُ، فَلَمْ يَكُنْ لِمَنْ قَدَرَ عَلَى الشُّخُوصِ التَّخَلُّفَ، فَعَدَّدَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَنْ تَخَلَّفَ مِنْهُمْ، فَأَظْهَرَ نِفَاقَ مَنْ كَانَ تُخَلُّفُهُ مِنْهُمْ نِفَاقًا وَعَذَرَ مَنْ كَانَ تُخَلُّفُهُ لِعُذْرٍ، وَتَابَ عَلَى مَنْ كَانَ تُخَلُّفُهُ تَفْرِيطًا مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلاَ ارْتِيَابٍ فِي أَمْرِ اللَّهِ إِذْ تَابَ مِنْ خَطَأِِ مَا كَانَ مِنْهُ مِنَ الْفِعْلِ. فَأَمَّا التَّخَلُّفُ عَنْهُ فِي حَالِ اسْتِغْنَائِهِ فَلَمْ يَكُنْ مَحْظُورًا إِذَا لَمْ يَكُنْ عَنْ كَرَاهَتِهِ مِنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ.


الصفحة التالية
Icon