ج ١١، ص : ١١٧
(لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) أي لكل أمة من الأمم الذين أصرّوا على تكذيب رسولهم أجل لعذابهم يحلّ بهم عند حلوله لا يتعداهم إلى أمة أخرى، إذا جاء ذلك الأجل فلا يملك رسولهم من دون اللّه تعالى أن يقدمه ولا أن يؤخره ساعة عن الزمان المقدر له وإن قلّت.
قال فى فتح البيان : وفى هذا أعظم وازع وأبلغ زاجر لمن صار ديدنه وهجّيراه المناداة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أو الاستغاثة به عند نزول النوازل التي لا يقدر على دفعها إلا اللّه سبحانه وتعالى وكذلك من صار يطلب من الرسول صلى اللّه عليه وسلم ما لا يقدر على تحصيله إلا اللّه سبحانه وتعالى فإن هذا مقام رب العالمين الذي خلق الأنبياء والصالحين وجميع المخلوقين، ورزقهم وأحياهم فكيف يطلب من نبىّ من الأنبياء أو ملك من الملائكة أو صالح من الصالحين ما هو عاجز عنه غير قادر عليه ويترك الطلب من رب الأرباب القادر على كل شىء الخالق الرازق المعطى المانع.
وحسبك ما فى الآية من موعظة، فإن هذا سيد ولد آدم وخاتم الرسل يأمره اللّه بأنه يقول لعباده « لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً » فكيف يملكه لغيره، وكيف يملكه غيره ممن رتبته دون رتبته ومنزلته لا تبلغ إلى منزلته ؟.
فيا عجبا لقوم يعكفون على قبور الأموات الذين صاروا تحت أطباق الثرى، ويطلبون منهم من الحوائج ما لا يقدر عليه إلا اللّه عزّ وجل، كيف لا يتّعظون لما وقعوا فيه من الشرك، ولا يتنبهون لما حل بهم من المخالفة لمعنى لا إله إلا اللّه، ومدلول « قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ».
وأعجب من هذا إطلاع أهل العلم على ما يقع من هؤلاء ولا ينكرون عليهم ولا يحولون بينهم وبين الرجوع إلى الجاهلية الأولى، بل إلى ما هو أشد منها، فإن أولئك يعترفون بأن اللّه سبحانه وتعالى هو الخالق الرازق، المحيي المميت، الضار النافع، وإنما يجعلون أصنامهم شفعاء لهم عند اللّه ومقربين لهم إليه وهؤلاء يجعلون لهم قدرة على


الصفحة التالية
Icon