ج ١٨، ص : ١٠٥
ملكه، وأعطوا أيها الحكام المكاتبين سهومهم التي جعلها اللّه لهم فى بيت المال فى مصارف الزكاة بقوله (وَفِي الرِّقابِ) أي وفى تحرير الأرقاء.
وفى هذا حث لجميع المؤمنين على عتق الرقاب،
روى أبو هريرة أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :« ثلاثة حق على اللّه عونهم : المكاتب الذي يريد الأداء، والناكح يريد العفاف، والمجاهد فى سبيل اللّه ».
ثم نهى المؤمنين عن السعى فى جمع المال بسبل الحرام فقال :
(وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا) أي ولا تكرهوا إماءكم على الزنا إن كنّ يردن التعفف والتحصن، التماسا لعرض الدنيا من مال وزينة ورياش.
وفى قوله :(إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً) زيادة فى تقبيح حالهم وتشنيع عليهم، فإن ذا المروءة لا يرضى بفجور من يحويه بيته من إمائه، فضلا عن أمرهن بذلك وإكراههن عليه، ولا سيما عند إرادة التعفف وتوافر الرغبة فيه.
والخلاصة - لا تفعلوا ما أنتم عليه من إكراه الإماء على البغاء، طلبا لمتاع سريع الزوال، وشيك الفناء والاضمحلال.
أخرج مسلم وأبو داود عن جابر رضى اللّه عنه أن جارية لعبد اللّه بن أبىّ ابن سلول يقال لها (مسيكة) وأخرى يقال لها (أميمة) كان يكرههما على الزنا فشكتا ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فنزلت الآية.
وأخرج ابن مردويه عن على كرم اللّه وجهه أنهم كانوا فى الجاهلية يكرهون إماءهم على الزنا ليأخذوا أجورهن، فنهوا عن ذلك فى الإسلام ونزلت الآية.
ثم أبان أنهن إن أكرهن فالوزر على من أكرههن لا عليهن فقال :
(وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي ومن يكرههن على البغاء فإن اللّه غفور رحيم لهن من بعد إكراههن والذنب على المكره لهن، وكان الحسن إذا قرأ الآية قال : لهن واللّه، لهن واللّه.


الصفحة التالية
Icon