ج ١٨، ص : ١١٤
آيات، ولا تسمع عظة الناصحين، ولا تبصر حجج اللّه، فتلك ظلمات بعضها فوق بعض.
قال الحسن : الكافر له ظلمات ثلاث : ظلمة الاعتقاد، وظلمة القول، وظلمة العمل، وقال ابن عباس : هى ظلمة قلبه وبصره وسمعه.
والخلاصة - إن الكافر لشدة إصراره على كفره تراكمت عليه الضلالات، حتى إن أظهر الدلالات إذا ذكرت عنده لا يفهمها، فقلبه مظلم فى صدر مظلم فى جسد مظلم.
(ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) أي ما تقدم ذكره ظلمات متراكمة، فإن البحر يكون مظلم القعر جدا بسبب غور الماء، فإذا ترادفت الأمواج ازدادت الظلمة، فإذا كان فوق الماء سحاب يغطّى النجوم ويحجب أنوارها بلغت الظلمة حدا عظيما.
(إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها) أي إذا أخرج الناظر يده، وهى أقرب ما يرى إليه، لم يقرب أن يراها فضلا عن أن يراها.
(وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُو راً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ)
أي ومن لم يرزقه اللّه إيمانا وهدى من الضلالة فما له هداية من أحد.
ونحو الآية قوله :« وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ، وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ » وقوله :« وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا ».
وخلاصة ذلك - من لم يوله اللّه نور توفيقه ولطفه فهو فى ظلمة الباطل لا نور له.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٤١ الى ٤٢]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (٤١) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٤٢)


الصفحة التالية
Icon