ج ١٨، ص : ١٣٥
قال صاحب الكشاف : والكلام على هذا التفسير صحيح لالتقاء الطائفتين فى أن كلا منهما منفى عنه الحرج، ومثاله أن يستفتى مسافر عن الإفطار فى رمضان وحاجّ مفرد عن تقديم الحلق على النحر فتقول : ليس على المسافر حرج أن يفطر ولا عليك يا حاجّ أن تقدّم الحلق على النحر اه.
قال الحسن : أنزلت الآية فى ابن أم مكتوم وضع اللّه عنه الجهاد وكان أعمى.
وقال مقاتل : نزلت فى الحارث بن عمرو، وكان قد خرج مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم غازيا وخلف مالك بن يزيد على أهله، فلما رجع وجده مجهودا فسأله عن حاله فقال : تحرجت أن آكل من طعامك بغير إذنك.
الإيضاح
(لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ) أي ليس على هؤلاء الثلاثة إثم فى ترك الجهاد لضعفهم وعجزهم : قاله عطاء وزيد بن أسلم.
ونحو الآية قوله فى سورة براءة :« لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ».
وعن ابن عباس رضى اللّه عنهما أن المراد من الحرج المنفي فى الآية الحرج فى الأكل ذلك أنه لما نزل قوله تعالى :« وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ » تحرّج المسلمون عن مؤاكلة الأعمى لأنه لا يبصر موضع الطعام الطيب، والأعرج لأنه لا يستطيع المزاحمة على الطعام، والمريض لأنه لا يستطيع استيفاء الطعام. فأنزل اللّه هذه الآية. والمعنى على هذه الرواية : ليس فى مؤاكلة الأعمى ولا ما بعده حرج.
(وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ) أي ولا حرج عليكم أن تأكلوا من البيوت التي فيها أزواجكم وعيالكم، ويشمل ذلك بيوت الأولاد، لأن بيت الولد كبيته
لقوله صلّى اللّه عليه وسلم « أنت ومالك لأبيك »
وقوله « إن أطيب ما يأكل المرء من كسبه، وإن ولده من كسبه »