ج ١٨، ص : ٨٩
ذاك أنه بعد أن أنزلت براءة عائشة وطابت النفوس وتاب اللّه على من تكلم من المؤمنين فى ذلك وأقيم الحد على من أقيم عليه - تفضل وله الحمد والمنة فعطّف الصّدّيق على قريبه مسطح وكان ابن خالته وكان مسكينا لا مال له وكان من المهاجرين فى سبيل اللّه وقد زلق زلقة تاب اللّه عليه منها وضرب الحدّ عليها.
(وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا) أي وليتركوا عقوبتهم على ذلك، بحرمانهم مما كانوا يؤتونهم، وليعودوا لهم إلى مثل الذي كان لهم عليهم من الإفضال.
ثم رغبهم فى العفو والتفضل فقال :
(أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) أي أ لا تحبون أن يستر اللّه عليكم ذنوبكم بإفضاله عليكم، والجزاء من جنس العمل، فكما تغفر ذنب من أذنب إليك، يغفر اللّه لك، وكما تصفح يصفح اللّه عنك، فحينئذ قال الصديق : بلى واللّه نحب أن تغفر لنا ربّنا، ثم رجع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة وقال واللّه لا أنزعها منه أبدا.
(وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي واللّه غفور لذنوب من أطاعه واتبع أمره، رحيم به أن يعذبه على ما كان له من زلة قد استغفر منها وتاب إليه من فعلها.
وفي هذا ترغيب عظيم فى العفو، ووعد كريم عليه بالمغفرة من الذنوب وحث على مكارم الأخلاق.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٢٣ الى ٢٥]
إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢٣) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥)


الصفحة التالية
Icon