ج ٢٥، ص : ١٠٢
المعنى الجملي
روى محمد بن إسحاق فى السيرة « أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جلس يوما فى المسجد مع الوليد بن المغيرة، فجاء النضر بن الحارث وجلس معهم وفى المسجد غير واحد من رجالات قريش، فتكلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فعرض له النضر فكلمه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى أفحمه، ثم تلا عليهم :« إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَها وارِدُونَ » الآيات، ثم قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. وأقبل عبد اللّه بن الزّبعرى التميمي وجلس فقال له الوليد بن المغيرة : واللّه ما قام النضر بن الحارث لابن عبد المطلب وما قعد، وقد زعم محمد أنّا وما نعبد من آلهتنا هذه حصب جهنم. فقال ابن الزبعرى : أما واللّه لو وجدته لخصمته، سلوا محمدا، أ كلّ ما يعبد من دون اللّه فى جهنم مع من عبده ؟ فنحن نعبد الملائكة، واليهود تعبد عزيرا، والنصارى تعبد المسيح عيسى بن مريم، فعجب الوليد ومن كان معه فى المجلس من قول عبد اللّه بن الزبعرى، ورأوا أنه قد احتج وخاصم، فذكر ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : كل من أحب أن يعبد من دون اللّه فهو مع من عبده، فإنهم إنما يعبدون الشيطان ومن أمرهم بعبادته وأنزل اللّه عز وجل :« إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ » أي عيسى وعزير ومن عبد معهما، فاتخذهم من بعدهم من أهل الضلال أربابا من دون اللّه، ونزل فيما يذكر من أمر عيسى عليه السّلام وأنه يعبد من دون اللّه « وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا) » الآية.
الإيضاح
(وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ) أي ولما ضرب ابن الزبعرى عيسى بن مريم مثلا وجادل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعبادة النصارى له، إذا


الصفحة التالية
Icon