ج ٢٥، ص : ١٠٨
لا تخافوا من عقابى، فإنى قد أمّنتكم منه برضاى عنكم، ولا تحزنوا على فراق الدنيا، فإن الذي تقدمون عليه خير لكم مما فارقتموه منها.
ثم بين من يستحق هذا النداء وذلك التكريم فقال :
(الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ) أي الذين آمنت قلوبهم، وصفت نفوسهم، وانقادت لشرع اللّه بواطنهم وظواهرهم.
ثم ذكر ما يقال لهم على سبيل البشرى فقال :
(ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ) أي ادخلوا الجنة أيها المؤمنون أنتم وأزواجكم مغبوطين بكرامة اللّه، مسرورين بما أعطاكم من مننه.
وبعدئذ ذكر طرفا مما يتمتعون به من النعيم فقال :
(يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ) أي وبعد أن يستقروا فى الجنة ويهدأ روعهم يطاف عليهم بجفان من الذهب مترعة بألوان الأطعمة والحلوى، وبأكواب فيها أصناف الشراب مما لذّ وطاب.
وبعد أن فصل بعض ما فى الجنة من نعيم، عمّم فى ذلك فقال :
(وَ فِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ) أي وفى الجنة ما تشتهيه أنفس أهلها من صنوف الأطعمة والأشربة والأشياء المعقولة والمسموعة ونحوها مما تطلبه النفوس وتهواه كائنا ما كان، جزاء لهم على ما منعو أنفسهم من الشهوات، وفيها ما تقرّ أعينهم بمشاهدته، وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم، وأنتم لا تخرجون منها ولا تبغون عنها حولا.
أخرج ابن أبى شيبة والترمذي عن عبد الرحمن بن سابط قال :« قال رجل يا رسول اللّه هل فى الجنة خيل فإنى أحب الخيل ؟ قال : إن يدخلك اللّه الجنة فلا تشاء أن تركب فرسا من ياقوتة حمراء فتطير بك فى أىّ الجنة شئت إلا فعلت، وسأله آخر فقال :
يا رسول اللّه هل فى الجنة من إبل فإنى أحب الإبل ؟ فقال إن يدخلك اللّه الجنة يكن لك ما اشتهت نفسك ولذت عينك ».