ج ٦، ص : ١٢٥
عن الاهتداء بآيات اللّه وتمنعكم عن الخير العظيم الذي تنالونه من ربكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى اللّه بقلب سليم.
(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) أي وكل من رغب عن الحكم بما أنزل اللّه وأخفاه وحكم بغيره كحكم اليهود فى الزانيين المحصنين بالتحميم، وكتمانهم الرجم وقضائهم في بعض قتلاهم بدية كاملة وفى بعضها بنصف الدية، واللّه قد سوى بين الجميع فى الحكم فأولئك هم الكافرون الذين ستروا الحق الذي كان عليهم كشفه وتبيينه، وغطوه وأظهروا لهم غيره وقضوا به.
قال الرازي نقلا عن عكرمة : إن الحكم بالكفر على من حكم بغير ما أنزل اللّه - إنما يكون فيمن أنكر بقلبه وجحد بلسانه، أما من عرف بقلبه كونه حكم اللّه وأقرّ بلسانه كونه حكم اللّه إلا أنه أتى بما يضاده فهو حاكم بما أنزل اللّه ولكنه تارك له فلا يدخل تحت هذه الآية.
وأخرج ابن جرير عن أبى صالح قال : الثلاثة الآيات التي فى المائدة ومن لم يحكم بما أنزل اللّه إلخ. ليس فى الإسلام منها شىء هى فى الكفار، وعن الشعبي أنه قال :
الثلاث الآيات التي فى المائدة أولها فى هذه الأمة والثانية فى اليهود والثالثة فى النصارى.
وخلاصة المعنى - ومن لم يحكم بما أنزل اللّه مستهينا به منكرا له كان كافرا لجحوده به واستخفافه بأمره.
(وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) أي إن الجروح ذوات قصاص يعتبر فى جزائها المساواة بقدر الاستطاعة.
وقد جاء فى التوراة فى الفصل الحادي والعشرين من سفر الخروج (وإن حصلت أذية تعطى نفسا بنفس، وعينا بعين، وسنا بسن، ويدا بيد، ورجلا برجل، وكيّا بكى، وجرحا بجرح، ورضّا برضّ).
وجاء فى الفصل الرابع والعشرين من سفر اللاويين (وإذا أمات أحد إنسانا