ج ٦، ص : ١٤٠
جمع اللّه بينه، ولو منعوا عقالا مما فرض اللّه ورسوله لقاتلتهم عليه، فبعث اللّه عصابة مع أبى بكر فقاتل على ما قاتل عليه نبى اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى سبى وقتل وحرق بالنيران أناسا ارتدوا عن الإسلام ومنعوا الزكاة، فقاتلهم حتى أقروا بالماعون (الزكاة) صغرة (واحدهم صاغر، وهو المهين الذليل) أقمياء (واحدهم قمىء، وهو الذليل الضعيف) فأتته وفود العرب فخيرهم بين خطّة محزية أو حرب مجلية، فاختاروا الخطة المخزية (وكانت أهون عليهم) أن يقروا أن قتلاهم فى النار : وأن قتلى المؤمنين فى الجنة، وأن ما أصابوا من المسلمين من مال ردوه عليهم، وما أصاب المسلمون لهم من مال فهو لهم حلال اه.
وعلى هذا فالقوم الذين يحبهم اللّه ويحبونه هم أبو بكر وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة، قاله قتادة والضحاك، ورجح ابن جرير أن الآية نزلت فى قوم أبى موسى الأشعري من أهل اليمن، لما
روى أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما قرأ هذه الآية قال :- هم قوم أبى موسى -
وإن لم يكونوا قاتلوا المرتدين مع أبى بكر، لأن اللّه وعد بأن يأتى بخير من المرتدين بدلا منهم، ولم يقل إنهم يقاتلون المرتدين، ويكفى فى صدق الوعد أن يقاتلوا ولو غير المرتدين.
وقد ارتد كثير من القبائل فى عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم وبعده، فقد ارتدت إحدى عشرة فرقة منها ثلاث فى عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم، وهم :
(١) بنو مدلج ورئيسهم ذو الخمار وهو الأسود العنسي وكان كاهنا، تنبأ باليمن واستولى على بلاده وأخرج عمال النبي صلى اللّه عليه وسلم، فكتب النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى معاذ بن جبل وسادات اليمن، فأهلكه اللّه على يدى فيروز الدّيلمى، بيّته فقتله، وأخبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بقتله فسرّ به المسلمون، وقبض عليه السلام من الغد.
(٢) بنو حنيفة قوم مسيلمة الكذاب، وقد تنبأ مسيلمة وكتب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من مسيلمة رسول اللّه إلى محمد رسول اللّه، سلام عليك : أما بعد