ج ٨، ص : ٢٠١
وجاء فى حديث البخاري مرفوعا « فانتدب لها رجل ذو عزه ومنعة فى قومه كأبى زمعة »
لأنهم لما اتفقوا عليه ورضوا به صاروا كأنهم فعلوه جميعا.
وفى ذلك تهويل وتفظيع لأمرهم، وأن أضراره ستصيبهم جميعا، ومثل هذا من الأعمال ينسب إلى الأمة فى جملتها، وتعاقب عليه جميعها كما قال :« وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ».
(وَ عَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ) أي وتمردوا وتجبروا عن اتباع الحق الذي بلّغهم صالح إياه، وهو ما سلف ذكره.
روى أحمد والحاكم عن جابر قال :« لما مر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالحجر قال : لا تسألوا الآيات فقد سألها قوم صالح، وكانت الناقة ترد من هذا الفجّ وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم، وكانت تشرب يوما ويشربون لبنها يوما، فعقروها فأخذتهم صيحة أخمد اللّه من تحت أديم السماء منهم إلا رجلا واحدا كان فى حرم اللّه - وهو أبو رغال - فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه ».
(وَقالُوا يا صالِحُ ائْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) الوعد يكون فى الخير والشر أي قالوا له : ائتنا بما وعدتنا به من عذاب اللّه ونقمته، إن كنت رسولا إلينا، وتدّعى أن وعيدك تبليغ عنه، فاللّه ينصر رسله على أعدائه، فعجّل ذلك لنا.
(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) وفى سورة هود « فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ » وفى سورة حم السجدة « فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ » وفى سورة الذاريات « فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ » والمراد بالجميع الصاعقة، فإن لنزولها صيحة شديدة القوة ترجف من هولها الأفئدة وتضطرب الأعصاب، وربما اضطربت الأرض وتصدع ما فيها من بنيان.
وقد علم أن سبب حدوثها اتصال كهربائية الأرض بكهربائية الجو التي يحملها


الصفحة التالية
Icon