لَهُ فِي الْحُكْمِ بِإِظْهَارِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ.
وَقَدْ كَانَ الْمُنَافِقُونَ يَعْصِمُونَ دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِإِظْهَارِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ مَعَ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِاعْتِقَادِهِمْ الْكُفْرِ وَعِلْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنِفَاقِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ :﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إلَيْكُمْ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا
﴾ قَدْ اقْتَضَى الْحُكْمَ لِقَائِلِهِ بِالْإِسْلَامِ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ يَعْنِي بِهِ الْغَنِيمَةَ.
وَإِنَّمَا سَمَّى مَتَاعَ الدُّنْيَا عَرَضًا لِقِلَّةِ بَقَائِهِ، عَلَى مَا رُوِيَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي قَتَلَ الَّذِي أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ وَأَخَذَ مَا مَعَهُ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ يَعْنِي بِهِ السَّيْرَ فِيهَا وقَوْله تَعَالَى :" فَتَثَبَّتُوا " قُرِئَ بِالْيَاءِ وَالنُّونِ، وَقِيلَ إنَّ الِاخْتِيَارَ التَّبَيُّنَ لِأَنَّ التَّثَبُّتَ إنَّمَا هُوَ لِلتَّبَيُّنِ، وَالتَّثَبُّتُ إنَّمَا هُوَ سَبَبٌ لَهُ.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ ﴾ قَالَ الْحَسَنُ :" كُفَّارًا مِثْلَهُمْ " وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ :" كُنْتُمْ مُسْتَخِفِّينَ بِدِينِكُمْ بَيْنَ قَوْمِكُمْ كَمَا اسْتَخَفُّوا.
وقَوْله تَعَالَى :﴿ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ﴾ يَعْنِي بِإِسْلَامِكُمْ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ بَلْ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ ﴾، وَقِيلَ : فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِإِعْزَازِكُمْ حَتَّى أَظْهَرْتُمْ دِينَكُمْ. أ هـ ﴿أحكام القرآن للجصاص حـ ٣ صـ ٢٢٣ ـ ٢٢٦﴾