وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن أبي حدرد - رَضِي اللّهُ عَنْهُ - قال : بعثنا رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم إلى إضم، فخرجت في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بن رِبْعي، ومحلِّم بن جثَّامة بن قيس، فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مرّ بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له، معه مُتيع له ( تصغير متاع، وهو السلعة ) ورطب من لبن، لما مر بنا سلم علينا، فأمسكنا عنه، وحمل عليه محلم بن جَثَّامة فقتله، لشيء كان بينه وبينه، وأخذ بعيره ومتيعه، فلما قدمنا على رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم وأخبرناه الخبر، نزل القرآن :﴿ يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ﴾ إلى قوله تعالى :﴿ خَبِيراً ﴾.
ورواه ابن جرير عن ابن عمر وزاده : فجاء محلم في بردين، فجلس بين يدي النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم ليستغفر له فقال رسول الله :< لا غفر الله لك >، فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، فما مضت له سابعة حتى مات، ودفنوه في الأرض، فلفظته الأرض، فجاؤوا إلى النبي صَلّى اللهُ عليّه وسلّم فذكروا ذلك له، فقال :< إن الأرض تقبل من هو شرٌّ من صاحبكم، ولكن الله أراد أن يعظكم >، ثم طرحوه بين صَدَفي جبل، وألقوا عليه الحجارة ونزلت.
وروى أئمة السير ؛ أنه لما كان عام خيبر، جاء عيينة بن بدر يطلب بدم عامر وهو سيد قيس، وكان الأقرع بن حابس يردّ عن محلِّم وهو سيد خندف فقال رسول الله صَلّى اللهُ عليّه وسلّم لقوم عامر :< هل لكم أن تأخذوا منا الآن خمسين بعيراً، وخمسين إذا رجعنا إلى المدينة ؟ >
فقال عيينة بن بدر : والله ! لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحرّ مثل ما أذاق نسائي، فلم يزل به حتى رضي بالدية.