ونرى الآن المسرفين على أنفسهم الذين لا يؤمنون بإله، أو يؤمنون بالله ولكنهم ارتكبوا الكبائر من شهادة زور، إلى ربا، إلى شرب خمر، وعندما يحلل الأطباء للكشف عن كبد شارب الخمر - على سبيل المثال - نجده قد تليف، وأن أي جرعة خمر ستسبب الوفاة. هنا يمتنع عن شرب الخمر. لماذا امتنع ؟. لأنه عرف الحكمة. وقد يكون قائلها له مجوسياً، فهل كان امتناعه عن الحكم تنفيذاً لأمر إلهي ؟. لا، ولكن المؤمن يمتنع عن الخمر لأنها حرمت بحكم من الله والمؤمن ينفذ كل الأحكام حتى في الأشياء غير الضارة، فمن الذي قال : إن الله لا يحرم إلا الشيء الضار ؟ إنه قد يحرم أمراً تأديباً للإنسان. ونضرب هذا المثل - ولله المثل الأعلى - نجد الزوج يقول لزوجه : إياك أن تعطي ابننا بعضاً من الحلوى التي أحضرتها. هو يحرم على ابنه الحلوى لا لأنها ضارة، ولكنه يريد تأديب الابن والتزامه.
والحق يقول :
﴿ فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ﴾
[النساء : ١٦٠].
فالذي يذهب إلى تنفيذ حكم الله إنما يذهب إليه لأن الله قد قاله، لا لأن حكمة الحكم مفيدة له، فلو ذهب إنسان إلى الحكم من أجل فائدته أو ضرره فإن الإيمان يكون ناقصاً، والله يدير في كثير من الأوقات حكمته في الأحكام حتى يرى الإنسان وجهاً من الوجوه اللا نهائية لحكمة الله التي خفيت عليه، فيقول الإنسان : أنا كنت أقف في حكمة كذا، ثم بينت لي الأحداث والأيام صدق الله فيما قال.
وهذا يشجع الإنسان أن يأخذ أحكام الله وهو مسلِّم بها.
والحق يقول :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ﴾ والإيمان هو الحيثية، يا من آمنت بي إلهاً قادراً حكيماً.. اسمع مني ما أريده منك :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ والضرب - كما نعرف - هو انفعال الجارحة على شيء آخر بعنف وقوة. وقوله :


الصفحة التالية
Icon