والحق يريد منا أن نكون أقوياء حتى يكون الضرب منا قويا، فيقول :﴿ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ ﴾ ونعرف أن الضرب في سبيل الله لا يكون في ساعة الجهاد فقط، ولكن في كل أحوال الحياة ؛ لأن كل ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. و " تبينوا " تعني ألا تأخذوا الأمور بظواهرها فلا تمضوا أمراً أو تعملوا عملاً إلا إذا تثبتم وتأكدتم حتى لا يصيب المؤمنون قوماً بظلم.
ولهذا الأمر قصة، " كان هناك رجل اسمه " محلِّم بن جَثّامة "، وكان بينه وبين آخر اسمه " عامر بن الأضبط الأشجعي " إحن - أي شيء من البغضاء - وبعد ذلك كان " محلم " في سرية، وهي بعض من الجند المحدود العدد وصادف " عامراً الأشجعي "، وكان " عامر " قد أسلم، لذلك ألقى السلام إلى " محلّم " فقال " محلم " : إن عامراً قد أسلم ليهرب مني. وقتل محلم عامراً. وذهب إلى رسول الله ﷺ، وسأله الرسول : ولماذا لم تتبين ؟. ألم يلق إليك السلام، فكيف تقول إنه يقول :" السلام عليكم " لينقذ نفسه من القتل ؟
فقال :" محلّم " : استغفر لي يا رسول الله.
وإذا ما قال أحد لرسول الله : استغفر لي يا رسول الله.. فرسول الله ببصيرته الإيمانية يعرف على الفور حالَ طالبِ الاستغفار، فإن قال رسول الله :" غفر الله لك " فهو يعلم أنه كان معذوراً، وإن لم يقل رسول الله ذلك، فيعرف طالب الاستغفار أنه مذنب. ولأن بين " محلم " و " عامر " إحنا وعداوات قال رسول الله ﷺ لمحلم :" لا غفر الله لك " ؛ لأن الرسول ﷺ علم أن الإحَنَ والبغضاء هي التي جعلته لا يدقق في أمر " عامر ".


الصفحة التالية
Icon