(وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) الآية ٣ من سورة المؤمنين الآتية، وقال تعالى :
(وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) الآية ٣٢ من الفرقان المارة في ج ١، وفي مدح اللّه تعالى الذين يعرضون عن اللغو ذم للذين يتوغلون به، هذا وأن الأحاديث كالأساطير والأضاحيك من كل ما لا يعتد به ولا خير فيه من الكلام ويستعمل في قليل الكلام وكثيره لأنه يحدث شيئا فشيئا محشوّ بالكذب فسماعها من اللغو
المنهي عنه شرعا والنضر المذكور قتله رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم بعد واقعة بدر، وقد عرف من مغزى هذه الآية ومعنى الأحاديث المارة ذم الغناء صراحة وقد تضافرت الآثار وكلم العلماء والأخيار على ذمه سواء كان برفع الصوت أو خفضه في كل مكان وزمان، أخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال :
إذا ركب الرجل الدابة ولم يسم ردفه الشيطان فقال تغنّه، وإن كان لا يحسن قال تمنّه، وذلك ليشغله عن ذكر اللّه تعالى.
وأخرجا أيضا عن الشعبي قال عن القاسم بن محمد إنه إذا سئل عن الغناء قال للسائل أنهاك عنه وأكرهه لك، فقال السائل أحرام هو ؟ قال انظر يا ابن أخي إذا ميز اللّه تعالى الحق من الباطل في أيهما يجعل سبحانه الغناء، يريد أنه يجعله في الباطل إذ ليس بحق ليكون مع الحق، وما بعد الحق إلا الضلال، ويكفي في ذمه أنه من الشيطان كما مر في الحديث السابق من أن الشيطان يوسوس له فيه، حتى انه إذا عرف أنه لا يحسنه وسوس له بالتمني لما يخطره بباله، فالغناء من أهواء النفس، والتمني رأسمال المفلس.
وأخرجا عنه أيضا قال : لعن اللّه تعالى المغني والمغني له.
وجاء في السنن عن ابن مسعود قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم الغناء ينبت النّفاق في القلب كما ينبت الماء البقل.