إذا لم يكن في الغناء مفسدة كشرب الخمر والنظر إلى الأجنبية والمرد وقول الزور ومما يرغب إلى الشهوات الدنيئة فهو مباح، وعلى كل حال تركه أولى لأنه يشغل عن ذكر اللّه في الدنيا ويكون في الآخرة مع الباطل في وزن الأعمال.
قال تعالى "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ" زيادة على إيمانهم في الدنيا "لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ" ٨ في الآخرة جزاء أعمالهم الحسنة "خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا" وهو لا يخلف وعده "وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" ٩ الذين يهين أعداءه بغلبته القاهرة ويعزّ أولياءه بحكمته البالغة وهو "الذي خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ" في هذه الجملة قولان صحيحان فمن قال إنه لا عمد لها البتة وقف على قوله (عَمَدٍ)، ومن قال إن لها عمدا غير مرئية وقف على قوله "تَرَوْنَها" أي إن لها عمد عظيمة ولكنكم لا ترونها أو هي بلا عمد كما ترونها وكل بليغ في القدرة والآية محتملة للوجهين واللّه قادر على الأمرين لا يعجزه شيء، وجيء بهذه الآية كالاستشهاد على عظيم قدرته وكمال عزته وبليغ حكمته التي هي ملاك العلم وإتقان العمل وتمهيد قاعدة التوحيد وتقريره وإبطال مادة الشرك وتبكيت أهله "وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ" جبالا شامخات ثوابت "أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ" لئلا تتحرك وتضطرب بكم أيها الناس فجعلها ساكنة فيما ترون من نعم اللّه عليكم ومن تمام النفع بها لأنها لو خلت من هذه الثوابت لمادت بالمياه المحيطة بها الغامرة
لأكثرها وبالرياح العواصف التي تقتضي الحكمة هبوبها وهذا مبني على كونها كروية كما ذهب إليه الغزالي وأكثر الفلاسفة، وإلا فلو كانت بسيطة لما أثرت فيها الرياح والمياه على فرض عدم وجود الرواسي.


الصفحة التالية
Icon