الكامل من السادة الصوفية، تأمل وراجع الآية ٣٨ من سورة المائدة في ج ٣ والآية ١٢٠ من التوبة في ج ٣ والآية ٥١ من الإسراء في ج ١، "ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ" جميعا في الآخرة أنت وأبواك وولدك والخلق كلهم "فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ١٥" في الدنيا إذ لا يخفى عليّ شيء من عملكم السري والجهري الخالص والمشوب، وسأجازي كلا بحسبه.
وقد جاءت هاتان الآيتان معترضتين بين وصية لقمان لابنه على سبيل الاستطراد لما فيهما من المناسبة لما قبلهما ولما فيهما من النهي عن الشرك الذي هو أعظم المنهيات.
قال بعض المفسرين إن المراد بهاتين الآيتين أبو بكر رضي اللّه عنه لأنه حينما أسلم جاء إليه عثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف، فأنبوه على إسلامه وصار يأمرهم بالإيمان ويحذرهم من البقاء على الشرك ولم يزل بهم حتى أسلموا بإرشاده، نقلا عن ابن عباس رضوان اللّه عليهم أجمعين.
مطلب قوة إيمان سعد بن أبي وقاص وآداب المشي والمكالمة ومعاملة الناس :
وقال بعضهم إنها نزلت في سعد ابن أبي وقاص لأنه لما أسلم قالت له أمه :
لتدعن هذا الدين أو أترك الأكل والشرب والاستظلال حتى أموت فتعير فيّ وبقيت ثلاثة أيام لا تأكل ولا تشرب ولا تستظل وهو يراجعها ويتلطف بها ويقطع أملها من الرجوع عن الدين الحق، ولم تفعل وأصرت على ما عزمت عليه، فقال لها : واللّه لو كان لك مائة نفس وخرجت واحدة تلو الأخرى ما تركت ديني، فلما رأت ذلك منه عادت فأكلت وشربت واستظلت بعد أن أيست من رجوعه عن دينه رحمه اللّه ورضي عنه وحشرني معه لم تأخذه رحمه اللّه الأنفة الجاهلية التي كانت قريب عهد به لصلابته في دينه الذي اعتنقه حديثا كأنه كان قديما متلبسا به وشدة عزمه وحزمه ورغبته في الدين الحق ومن يهده اللّه فلا مضل له أبدا، على أن هذه الآية عامة تحتمل هذين السببين وغيرهما.


الصفحة التالية
Icon