عروة من عرى الحبل "وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ" ٢٢ لا لأحد سواه وله فيها الأمر يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد "وَمَنْ كَفَرَ" بعد إبداء هذه الدلائل الناصعة والإرشاد الصريح "فَلا يَحْزُنْكَ" يا سيد الرسل "كُفْرُهُ" لأن وباله عائد عليه وهو وأضرابه "إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ" في الآخرة، جمع الضمير باعتبار معنى من حيث تصلح للجمع والافراد "فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا" في الدنيا ويحاسبهم عليه ويجازيهم بمقتضاه "إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ ٢٣" دخائلها فما بالك بغيرها إذ هو الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، تأمل فيما حكاه اللّه عن لقمان في مخاطبته لابنه تعلم بعض معلومات اللّه في خفايا الأمور، قال تعالى وهؤلاء "نُمَتِّعُهُمْ" في هذه الدنيا "قَلِيلًا" مدة آجالهم المقدرة لهم فيها في علمنا وهي مهما كانت، قليلة "ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ" نلجئهم في الآخرة فنردهم ونسوقهم سوقا عنيفا "إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ ٢٤" قاس شديد فظيع لا يقادر قدره ولا تطيقه الأجسام، قال تعالى "وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ" فقلت يا سيد الرسل لعبدة الأوثان "مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ" فإنهم حتما "لَيَقُولُنَّ اللَّهُ" وحده خلقها وبرأ ما فيها فيا أكرم الرسل "قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ" على إلزامهم الحجة بالإقرار على دلائل التوحيد بحيث لا ينكرها الجاحد المكابر "بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ ٢٥" أنهم ملزمون بهذا الإقرار حتى إذا نبهتهم لم ينتبهوا له.
وسيأتي لهذا البحث صلة في الآية ٧ فما بعدها من سورة العنكبوت الآتية إن شاء اللّه "لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ" ملكا وعبيدا يتصرف فيهما وبمن فيهما كيف شاء "إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ" عن جميع عباده وكل مكوناته "الْحَمِيدُ ٢٦" في ذاته وصفاته وأفعاله.
مطلب الآيات المدنيات وسبب نزولها والحكمة من تأخيرها :


الصفحة التالية
Icon