والآن نأخذ في عرض السورة بالتفصيل:
الدرس الأول: ١ - ٣ إثبات النبوة والوحي
ألم. تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين. أم يقولون: افتراه ؟ بل هو الحق من ربك لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون..
ألف. لام. ميم.. هذه الأحرف التي يعرفها العرب المخاطبون بهذا الكتاب ; ويعرفون ما يملكون أن يصوغوا منها ومن نظائرها من كلام، ويدركون الفارق الهائل بين ما يملكون أن يصوغوه منها وبين هذا القرآن ; وهو فارق يدركه كل خبير بالقول، وكل من يمارس التعبير باللفظ عن المعاني والأفكار. كما يدرك أن في النصوص القرآنية قوة خفية، وعنصرا مستكنا، يجعل لها سلطانا وإيقاعا في القلب والحس ليسا لسائر القول المؤلف من أحرف اللغة، مما يقوله البشر في جميع الأعصار. وهي ظاهرة ملحوظة لا سبيل إلى الجدال فيها، لأن السامع يدركها، ويميزها، ويهتز لها، من بين سائر القول، ولو لم يعلم سلفا أن هذا قرآن ! والتجارب الكثيرة تؤكد هذه الظاهرة في شتى أوساط الناس.
والفارق بين القرآن وما يصوغه البشر من هذه الحروف من كلام، هو كالفارق بين صنعة الله وصنعة البشر في سائر الأشياء. صنعة الله واضحة مميزة، لا تبلغ إليها صنعة البشر في أصغر الأشياء. وإن توزيع الألوان في زهرة واحدة ليبدو معجزة لأمهر الرسامين في جميع العصور.. وكذلك صنع الله في القرآن وصنع البشر فيما يصوغون من هذه الحروف من كلام !. أ هـ ﴿الظلال حـ ٥ صـ ٢٨٠٢ ـ ٢٨٠٤﴾