ونرى أن ذلك منهم أن الرجل أدنى أعوانه فى إبله وغنمه اثنان، وكذلك الرَّفقة، أدنى ما يكونون ثلاثة، فجرى كلام الواحد على صاحبيه، ألا ترى الشعراء أكثر شىء، قيلا: يا صاحبىّ، يا خليلى، فقال امرؤ القيس:
خليلىّ، مرّا بِى على أم جندب * نُقضِّى لُبانات الفؤاد المعذب
ثم قال:
ألَمْ تَرَ أنى كلما جئت طارقا * وجدت بها طيبا وإن لم تطيب
فقال: ألم تر، فرجع إلى الواحد، وأول كلامه اثنان، قال: وأنشدنى آخر:
خليلىّ قوما فى عَطالة فانظرا * أناراً ترى من نحو بابَيْن أو برقا
وبعضهم: أنارا نرى.
وقوله: ﴿مَا أَطْغَيْتُهُ﴾ يقوله الملَك الذى كان يكتب السيئات للكافر، وذلك أن الكافر قال: كان يعجلنى عن التوبة، فقال: ما أطغيته يارب، ولكن كان ضالا.
﴿ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ﴾
قال الله تبارك وتعالى: ﴿مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ...﴾. أى: ما يُكْذَب عندى لعلمه عز وجل بغيب ذلك.
﴿ هَاذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَّنْ خَشِيَ الرَّحْمَانَ بِالْغَيْبِ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ﴾
وقوله: ﴿هَاذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ...﴾ ﴿مَّنْ خَشِيَ...﴾.
إن شئت جعلت (مَن) خفضا تابعة لقوله: (لكلّ)، وإن شئت استأنفتها فكانت رفعا يراد بها الجزاء. من خشى الرحمن بالغيب قيل له: ادخل الجنة، و (ادْخُلوها) جواب للجزاء أضمرتَ قبله القول وجعلته فعلاً للجميع ؛ لأن مَن تكون فى مذهب الجميع.
﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُواْ فِي الْبِلاَدِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ ﴾
وقوله: ﴿فَنَقَّبُواْ فِي الْبِلاَدِ...﴾.


الصفحة التالية
Icon