و تركتهم يقولون ما قاله أحزابهم من الصناديد ما تبعه إلا الصبيان والسفلة فصد عنه وأقبل على أولئك يكلمهم، فأنزل اللّه هذه الآيات يعاتبه فيها، فكان كلما رآه يكرمه ويقول له مرحبا بمن عاتبني فيه ربي، ويقول له هل لك من حاجة ؟ واستخلفه على المدينة مرتين وهو من المهاجرين الأولين وقتل شهيدا في القادسية وواراه أنس وعليه درع ومعه راية سوداء ودفن بدمشق وقبره معروف حتى الآن.
ثم أنزل اللّه في عتبة بن لهب وأضرابه كأمية ابن خلف المتعصبين بالكفر (قُتِلَ الْإِنْسانُ) الذي لم يؤمن باللّه ولم يطع رسوله "ما أَكْفَرَهُ ١٧" ما أشد تعنته بالكفر تعجبا من عناده مع كثرة إحسان اللّه اليه وهي عامة في كل كافر متصلب في كفره، ثم بين اللّه من أمر هذا الكافر وما ينبغي له أن يعلم "مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ١٨" اللّه فإذا علم ذلك كان عليه أن يؤمن به لخلقه على الأقل، ثم فسر ماهية خلقه بقوله (مِنْ نُطْفَةٍ) نقطة دموية قليلة حقيرة وهي عبارة عن بعض ماء الرجل المختلط ببعض ماء المرأة فمن هذا (خَلَقَهُ) فسواه بشرا سويا "فَقَدَّرَهُ ١٩" على ما أراد من مخلوقاته وعلى أنواع كثيرة من المصنوعات وعلى الخط والكتابة والقراءة وفضّله على كثير من خلقه وأكرمه بأنواع كراماته "ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ ٢٠" له فسهل عليه خروجه من بطن أمه أولا ويسر له سلوك الطريق الموصل اليه ويسره لما خلق له من عمل ورزق مدة حياته