لأني وأيم اللّه كنت كثيرا ما أتوضا في الوقت الواحد خمس مرات لطرو الانطلاق، لأني آليت على نفسي أن لا أخط خطا منه إلّا على وضوء كامل، وبعد صلاة ركعتين على الأقل، وكثيرا ما كنت أنام والقلم بيدي، وكم مرّة نمت مهموما لعدم وقوفي على المعنى المراد من بعض الآيات والأحاديث، فأراه بفضل اللّه في منامي، وأفيق فرحا مسرورا بما منّ اللّه عليّ، فأقوم فأتوضا وأراجعه فأجده مسطورا في بعض التفاسير وشروح الأحاديث كما رأيته، فأثبته حالا بمحله، هذه حالتي في اللّيل، وأما في النّهار فكثيرا ما يؤتى لي صباحا بالشاي فأغفل عنه فيبدل لي المرة بعد الأخرى فأشربه باردا، وكذلك حالتي في الشّراب والطّعام، وذلك لأني أخاف الذهول عن بعض ما تصورته، أو نسيان ما تخيّلته من المعاني المتعلقة بتأويل بعض الألفاظ، أو غياب ما وقر في قلبي مما أريده من التفسير، أو ما أريد تحريره على آية مضى البحث فيها، أو مراجعة بعض الآيات التي مرّ تفسيرها لتعلقها في معنى البحث الذي أنا فيه، وإبقاء الملاحظة عليها فيما حضر من المعنى الذي يناسبها حتى لا أترك آية لها مساس بمثلها إلّا أشرت إليها وبيّنات عددها


الصفحة التالية
Icon