البحر المحيط، ج ١، ص : ٦١٧
وصل. وفي نحو إخال، وهو افعل المفتوح العين من فعل المكسور العين مخالف لما نقله النحويون. فإنهم نقلوا عن الحجازيين فتح حرف المضارعة مما أوّله همزة وصل، ومما كان على وزن فعل بكسر العين يفعل بفتحها، أو ذا ياء مزيدة في أوله، وذلك نحو : علم يعلم، وانطلق ينطلق، وتعلم بتعلم، إلا إن كان حرف المضارعة ياء، فجمهور العرب من غير الحجازيين لا يكسر الياء، بل يفتحها. وفي مثل يوجل بالياء مضارع وجل، مذاهب تذكر في علم النحو، وإنما المقصود هنا : أن كلام ابن عطية مخالف لما حكاه النحاة، إلا إن كان نقل أن إخال بخصوصيته في لغة قريش مكسور الهمزة دون نظائره، فيكونون قد تبعوا في ذلك لغة غيرهم من العرب، فيمكن أن يكون قول ابن عطية صحيحا.
وقد تقدم لنا في سورة الحمد في قوله : نَسْتَعِينُ أن الكسرة لغة قيس وتميم وأسد وربيعة. وقد أمعنا الكلام على ذلك في (كتاب التكميل لشرح كتاب التسهيل) من تأليفنا.
وقراءة ابن محيصن : ثم اطره، بإدغام الضاد في الطاء. قال الزمخشري : هي لغة مرذولة، لأن الضاد من الحروف الخمسة التي يدغم فيها ما يجاورها، ولا تدغم هي فيما يجاورها، وهي حروف ضم شفر. انتهى كلامه. إذا لقيت الضاد الطاء في كلمة نحو مضطرب، فالأوجه البيان، وإن أدغم قلب الثاني للأول فقيل : مضرب، كما قيل : مصبر في مصطبر.
قال سيبويه : وقد قال بعضهم : مطجع، في مضطجع ومضجع أكثر، وجاز مطجع، وإن لم يجز في مصطبر مطبر، لأن الضاد ليست في السمع كالصاد، يعني أن الصفير الذي في الصاد أكثر في السمع من استطالة الضاد. فظاهر كلام سيبويه أنها ليست لغة مرذولة، ألا ترى إلى نقله عن بعض العرب مطجع، وإلى قوله : ومضجع أكثر، فيدل على أن مطجعا كثير؟ وألا ترى إلى تعليله، وكون الضاد قلبت إلى الطاء وأدغمت، ولم يفعل ذلك بالصاد، وإبداء الفرق بينهما؟ وهذا كله من كلام سيبويه، يدل على الجواز. وقد أدغمت الضاد في الذال في قوله تعالى : الْأَرْضَ ذَلُولًا «١»، رواه اليزيدي، عن أبي عمرو، وهو ضعيف.
وفي الشين في قوله تعالى : لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ «٢»، وَالْأَرْضِ شَيْئاً «٣»، وهو ضعيف أيضا. وأما الشين فأدغمت في السين. روي عن أبي عمرو ذلك في قوله تعالى : إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا»
، والبصريون لا يجيزون ذلك عن أبي عمرو، وهو رأس من رؤوس
(١) سورة الملك : ٦٧/ ١٥.
(٢) سورة النور : ٢٤/ ٦٢.
(٣) سورة النحل : ١٦/ ٧٣.
(٤) سورة الإسراء : ١٧/ ٤٢.