البحر المحيط، ج ٢، ص : ١٩٨
وهو مقيم، أقام أم سافر، وإنما يفطر في السفر من دخل عليه رمضان وهو في سفر، وإلى هذا ذهب علي، وابن عباس، وعبيدة المسلماني، والنخعي، والسدي.
والجمهور على أن من شهد أول الشهر أو آخره فليصم ما دام مقيما.
وقال الزمخشري : الشهر منصوب على الظرف، وكذلك الهاء في : فليصمه، ولا يكون مفعولا به، كقولك : شهدت الجمعة، لأن المقيم والمسافر كلاهما شاهدان للشهر. انتهى كلامه.
وقد تقدم أن ذلك يكون على حذف مضاف تقديره : فمن شهد منكم دخول الشهر، أي : من حضر. وقيل : التقدير هلال الشهر، وهذا ضعيف، لأنك لا تقول : شهدت الهلال، إنما تقول : شاهدت، ولأنه كان يلزم الصوم كل من شهد الهلال وليس كذلك.
ومنكم، في موضع الحال، ومن الضمير المستكن في شهد، فيتعلق بمحذوف تقديره كائنا منكم.
وقال أبو البقاء : منكم حال من الفاعل وهي متعلقة بشهد، فتناقض، لأن جعلها حالا يوجب أن يكون العامل محذوفا، وجعلها متعلقة بشهد يوجب أن لا يكون حالا، فتناقض.
ومن، من قوله فمن شهد، الظاهر أنها شرطية، ويجوز أن تكون موصولة، وقد مر نظائره.
وقرأ الجمهور بسكون اللام في : فليصمه، أجروا ذلك مجرى : فعل، فخففوا، وأصلها الكسر، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، والزهري، وأبو حيوة، وعيسى الثقفي، وكذلك قرؤا لام الأمر في جميع القرآن نحو : فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ «١» بالكسر، وكسر لام الأمر، وهو مشهور لغة العرب، وعلة ذلك ذكرت في النحو. ونقل صاحب (التسهيل) أن فتح لام الأمر لغة، وعن ابنه ان تلك لغة بني سليم. وقال : حكاها الفراء.
وظاهر كلامهما الإطلاق في أن فتح اللام لغة، ونقل صاحب كتاب (الإعراب)، وهو : أبو الحكم بن عذرة الخضراوي، عن الفراء أن من العرب من يفتح هذه اللام لفتحة الياء بعدها، قال : فلا يكون على هذا الفتح أن الكسر ما بعدها أو ضم. انتهى كلامه. وذلك نحو : لينبذن، ولتكرم زيدا، وليكرم عمرا وخالدا، وقوموا فلأصل لكم.
وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ تقدّم تفسير هذه الجملة، وذكر

_
(١) سورة البقرة : ٢/ ٢٨٢.


الصفحة التالية
Icon