البحر المحيط، ج ٢، ص : ٢٠٤
قال الزمخشري : وإنما عدى فعل التكبر بحرف الاستعلاء لكونه مضمنا معنى الحمد، كأنه قيل : ولتكبروا اللّه حامدين على ما هداكم. انتهى كلامه.
وقوله : كأنه قيل : ولتكبروا اللّه حامدين على ما هداكم، هو تفسير معنى لا تفسير إعراب، إذ لو كان تفسير إعراب لم تكن : على، متعلقا، بتكبروا المضمنة معنى الحمد، إنما كانت تكون متعلقة بحامدين التي قدّرها، والتقدير الإعرابي هو، أن تقول : كأنه قيل :
ولتحمدوا اللّه بالتكبير على ما هداكم، كما قدّر الناس في قولهم : قتل اللّه زيادا عني أي :
صرف اللّه زيادا عني بالقتل، وفي. قول الشاعر :
ويركب يوم الروع فينا فوارس بصيرون في طعن الأباهر والكلى
أي : تحكمون بالبصيرة في طعن الأباهر، والظاهر في : ما، أنها مصدرية أي : على هدايتكم، وجوّزوا أن تكون : ما، بمعنى الذي، وفيه بعد، لأنه يحتاج إلى حذفين أحدهما : حذف العائد على : ما، أي : على الذي هداكموه وقدّرناه منصوبا لا مجرورا بإلى، ولا باللام ليكون حذفه أسهل من حذفه مجرورا. والثاني : حذف مضاف به يصح الكلام، التقدير : على اتباع الذي هداكموه، وما أشبه هذا التقدير مما يصح به معنى الكلام.
والظاهر أن معنى : هداكم، حصول الهداية لكم من غير تقييد، وقيل : المعنى، هدايتكم لما ضل فيه النصارى من تبديل صيامهم، وإذا كانت بمعنى : الذي، فالمعنى على ما أرشدكم إليه من شريعة الإسلام.
وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ هو ترج في حق البشر على نعمة اللّه في الهداية، قاله ابن عطية : فيكون الشكر على الهداية، وقيل : المعنى تشكرون على ما أنعم به من ثواب طاعاتكم.
وقال الزمخشري : ومعنى وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وإرادة أن تشكروا، فتأول الترجي من اللّه على معنى الإرادة، وجعل ابن عطية الترجي من المخلوق، إذ الترجي حقيقة يستحيل على اللّه، فلذلك أوّله الزمخشري بالإرادة، وجعله ابن عطية من البشر، والقولان متكافئان، وإذا كان التكليف شاقا ناسب أن يعقب بترجي التقوى، وإذا كان تيسيرا ورخصة ناسب أن يعقب بترجي الشكر، فلذلك ختمت هذه الآية بقوله : لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ لأن قبله ترخيص للمريض والمسافر بالفطر، وقوله : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وجاء عقيب قوله :