البحر المحيط، ج ٢، ص : ٣٨٨
وقال آخر :
إذا أوقدوا نارا لحرب عدوهم فقد خاب من يصلى بها وسعيرها
وقال آخر :
لو كان لي وزهير ثالث وردت من الحمام عدانا شر مورود
وقال رجل من طيء :
إذا بنا، بل أنيسان، اتّقت فئة ظلت مؤمنة ممن تعاديها
وقال العباس بن مرداس :
أكر على الكتيبة لا أبالي أحتفي كان فيها أم سواها
وأنشد سيبويه رحمه اللّه :
فاليوم قد بت تهجونا وتشمتنا فاذهب فما بك والأيام من عجب
وقال آخر :
أبك آية بي أو مصدّر من حمر الجلة جأب جسور
فأنت ترى هذا السماع وكثرته، وتصرّف العرب في حرف العطف، فتارة عطفت بالواو، وتارة بأو، وتارة ببل، وتارة بأم، وتارة بلا، وكل هذا التصرف يدل على الجواز، وإن كان الأكثر أن يعاد الجار كقوله، تعالى : عَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ
«١» فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً «٢» قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ «٣» وقد خرج على العطف بغير إعادة الجار قوله : وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ «٤» عطفا على قوله : لَكُمْ فِيها مَعايِشَ «٥» أي : ولمن. وقوله : وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ «٦» عطفا على الضمير في قوله :
فيهنّ، أي : وفيما يتلى عليكم.
وأما القياس فهو أنه كما يجوز أن يبدل منه ويؤكد من غير إعادة جار، كذلك يجوز أن يعطف عليه من غير إعادة جار، ومن احتج للمنع بأن الضمير كالتنوين، فكان ينبغي أن لا يجوز العطف عليه إلّا مع الإعادة لأن التنوين لا يعطف عليه بوجه، وإذا

_
(١) سورة المؤمنون : ٢٣/ ٢٢.
(٢) سورة فصلت : ٤١/ ١١.
(٣) سورة الأنعام : ٦/ ٦٤.
(٤، ٥) سورة الحجر : ١٥/ ٢٠.
(٦) سورة النساء : ٤/ ١٢٧.


الصفحة التالية
Icon