البحر المحيط، ج ٢، ص : ٤١٧
تزويج الكتابيات، غير أن مالكا وابن حنبل كرها ذلك مع وجود المسلمات والقدرة على نكاحهن.
واختلف في تزويج المجوسيات، وقد تزويج حذيفة بمجوسية، وفي كونهم أهل كتاب خلاف، وروي عن جماعة أن لهم نبيا يسمى زرادشت، وكتابا قديما رفع، روي حديث الكتاب عن علي
، وابن عباس، وذكر لرفعه وتغيير شريعتهم سبب طويل، واللّه أعلم بصحته.
ودلائل هذه المذاهب مذكورة في كتب الفقه، وظاهر النهي في قوله : ولا تنكحوا التحريم، وقيل : هو نهي كراهة، حتى يؤمن، غاية للمنع من نكاحهنّ، ومعنى إيمانهنّ اقرارهنّ بكلمتي الشهادة والتزام شرائع الإسلام.
وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ الظاهر أنه أريد بالأمة الرقيقة، ومعنى : خير من مشركة، أي : من حرة مشركة، فحذف الموصوف لدلالة مقابله عليه، وهو أمة، وقيل :
الأمة هنا بمعنى المرأة، فيشمل الحرّة والرقيقة، ومنه :
«لا تمنعوا إماء اللّه مساجد اللّه».
وهذا قول الضحاك : ولم يذكر الزمخشري غيره، وفي هذا دليل على جواز نكاح الأمة المؤمنة، ومفهوم الصفة يقتضي أنه لا يجوز نكاح الأمة الكافرة، كتابية كانت أو غيرها، وهذا مذهب مالك وغيره وأجاز أبو حنيفة وأصحابه نكاح الأمة المجوسية، وفي الأمة المجوسية خلاف : مذهب مالك وجماعة أنه لا يجوز أن توطأ بنكاح ولا ملك، وروي عن عطاء، وعمرو بن دينار أنه لا بأس بنكاحها بملك اليمين، وتأولا : وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ على العقد لا على الأمة المشتراة، واحتجّا بسبي أوطاس، وأن الصحابة نكحوا الإماء منهم بملك اليمين.
قيل : وفي هذه الآية دليل لجواز نكاح القادر على طول الحرّة المسلمة للأمة المسلمة، ووجه الاستدلال أن قوله : خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ معناه من : حرة مشركة، وواجد طول الحرة المشركة واجد لطول الحرّة المسلمة، لأنه لا يتفاوت الطولان بالنسبة إلى الإيمان والكفر، فقدر المال المحتاج إليه في أهبة نكاحها سواء، فيلزم من هذا أن واجد طول الحرة المسلمة يجوز له نكاح الأمة المسلمة وهذا استدلال لطيف.
وأمة : مبتدأ، ومسوّغ جواز الابتداء الوصف، و : خير، خبر. وقد استدل بقوله :
خير، على جواز نكاح المشركة لأن أفعل التفضيل يقتضي التشريك، ويكون النهي أوّلا على سبيل الكراهة، قالوا : والخيرية إنما تكون بين شيئين جائزين، ولا حجة في ذلك،


الصفحة التالية
Icon