البحر المحيط، ج ٢، ص : ٤٢٤
وقال محمد : يتصدّق بنصف دينار، وقال أحمد : يتصدّق بدينار أو نصف دينار، واستحسنه الطبري، وهو قول الشافعي ببغداد.
وقالت فرقة من أهل الحديث : إن وطئ في الدم فدينار، أو في انقطاعه فنصفه، ونقل هذا القول ابن عطية عن الأوزاعي، ونقل غيره عن الأوزاعي أنه إن وطئ وهي حائض يتصدّق بخمسين دينارا. وفي الترمذي عنه صلى اللّه عليه وسلم قال :«إذا كان دما أحمر فدينار، وإن كان دما أصفر فنصف دينار».
وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ قرأ حمزة، والكسائي، وعاصم في رواية أبي بكر، والمفضل عنه : يطهرن بتشديد الطاء والهاء والفتح، وأصله : يتطهرن، وكذا هي في مصحف أبي، وعبد اللّه. وقرأ الباقون من السبعة : يطهرن، مضارع : طهر.
وفي مصحف أنس : ولا تقربوا النساء في محيضهن واعتزلوهنّ حتى يتطهرن. وينبغي أن يحمل هذا على التفسير لا على أنه قرآن لكثرة مخالفته السواد، ورجح الفارسي :
يطهرن، بالتخفيف إذ هو ثلاثي مضاد لطمثت، وهو ثلاثي. ورجح الطبري التشديد، وقال : هي بمعنى تغتسلن لإجماع الجميع على أنه حرام على الرجل أن يقرب امرأته بعد انقطاع الدم حتى تطهر، قال : وإنما الخلاف في الطهر ما هو. انتهى كلامه.
قيل : وقراءة التشديد معناها حتى يغتسلن، وقراءة التخفيف معناها ينقطع دمهن قاله الزمخشري وغيره.
وفي كتاب ابن عطية : كل واحد من القراءتين يحتمل أن يراد بها الاغتسال بالماء، وأن يراد بها انقطاع الدم وزوال أذاه، قال : وما ذهب إليه الطبري من أن قراءة تشديد الطاء مضمنها الاغتسال، وقراءة التخفيف مضمنها انقطاع الدم أمر غير لازم، وكذلك ادعاؤه الإجماع أنه لا خلاف في كراهة الوطء قبل الاغتسال. انتهى ما في كتاب ابن عطية.
وقوله : وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ هو كناية عن الجماع، ومؤكد لقوله : فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ.
وظاهر الاعتزال والقربان أنهما لا يتماسان، ولكن بينت السنة أن اعتزال وقربان خاص، ومن اختلافهم في أقل الحيض وأكثره يعرف اختلافهم في أقل الطهر وأكثره.
فَإِذا تَطَهَّرْنَ أي : اغتسلن بالماء، قال ابن عطية : والخلاف في معناه كما تقدّم